فصل
قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أرواح آل فرعون في أجواف طير سود يعرضون على النار كل يوم مرتين تغدو وتروح إلى النار ، يقال : يا آل فرعون هذه منازلكم. وقال قتادة ، والسدي والكلبي : تعرض روح كل كافر على النار بكرة وعشيّا ما دامت الدنيا (١). وروى ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشيّ إن كان من أهل الجنّة فمن أهل الجنّة ، وإن كان من أهل النّار فمن أهل النّار ، فيقال : هذا مقعدك حتّى يبعثك الله إليه يوم القيامة (٢).
قوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ) فيه ثلاثة أوجه :
أظهرها : أنه معمول لقول مضمر ، وذلك القول المضمر محكي به الجملة الأمرية من قوله : أدخلوا ، والتقدير : يقال لهم يوم تقوم الساعة : أدخلوا (٣).
الثاني : أنه منصوب «بأدخلوا» (٤) أي أدخلوا يوم تقوم ، وعلى هذين الوجهين ، فالوقف تامّ على قوله : (وَعَشِيًّا).
الثالث : أنه معطوف على الظرفين قبله ، فيكون معمولا ليعرضون ، والوقف على هذا على قوله : «الساعة». و «أدخلوا» معمول لقول مضمر ، أي يقال لهم كذا (٥). وقرأ الكسائيّ وحمزة ونافع وحفص أدخلوا بقطع الهمزة وكسر الخاء ، أي يقال للملائكة أدخلوا ، أمرا من «أدخل» «فآل فرعون» مفعول أول ، و (أَشَدَّ الْعَذابِ) مفعول ثان ، والباقون بهمزة وصل ، من دخل يدخل ، فآل فرعون منادى حذف حرف النداء منه و «أشدّ» منصوب به ، إما ظرفا ، وإما مفعولا به (٦). أي ادخلوا يا آل فرعون في أشد العذاب. قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يريد ألوان العذاب ، غير العذاب الذي كانوا يعذبون به منذ غرقوا.
قوله تعالى : (وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (٤٧) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨) وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا
__________________
(١) البغوي ٦ / ٩٦.
(٢) أخرجه الإمام مالك في الموطأ باب الجنائز رقم ٤٨ والإمام البغوي في المرجع السابق ، وأحمد في مسنده ٢ / ١٦ ، ٥١ ، ١١٣ ، ١٢٣.
(٣) قاله السمين في الدر ٤ / ٦٩٩ والأخفش في المعاني ٦٧٨ والعكبري في التبيان ١٠٢١.
(٤) قاله ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣٣٢.
(٥) السمين في الدر ٤ / ٦٩٩.
(٦) السابق وانظر إتحاف ٣٧٩ ومشكل إعراب القرآن لمكي ٢ / ٢٦٦ والكشف له أيضا ٢ / ٢٤٥ وانظر أيضا الحجة في القراءت السبعة لابن خالويه ٣١٥.