عنى غير المناداة فكلامه صحيح يقل تأنيثها في الاستفهام ، وموصولة شرطية.
قال شهاب الدين : أما إذا وقعت صفة لنكرة أو حالا لمعرفة فالذي ينبغي أن يجوز الوجهان كالموصولة (١) ويكون التأنيث أقلّ نحو : مررت بامرأة أيّة امرأة ، وجاءت هند أيّة امرأة وكان ينبغي لأبي حيّان (٢) أن ينبه على هذين الفرعين (٣).
فصل
معنى قوله (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) أي هذه الآيات التي عددناها كلها ظاهرة باهرة ليس في شيء منها ما يمكن إنكاره.
قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ)(٨٥)
قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...) معناه أن هؤلاء الكفار الذين يجادلون في آيات الله وحصل الكبر العظيم في صدورهم ، إنما كان السبب في ذلك طلب الرياسة والتقديم على الغير في المال والجاه ومن ترك الانقياد على الحق طلبا لهذه الأشياء فقد باع الآخرة بالدنيا وهذه طريقة فاسدة ؛ لأن الدنيا ذاهبة واحتج بقوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ...) يعني لو ساروا في أطراف الأرض لعرفوا أن عاقبة المتكبرين والمتمردين ليس إلا الهلاك والبوار مع أنهم كانوا أكثر عددا وعددا ومالا من هؤلاء المتأخرين ، فلما لم تفدهم تلك المكنة العظيمة إلا الخيبة والخسار فكيف حال هؤلاء الفقراء المساكين؟!.
قوله : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) يجوز في «ما» أن تكون نافية واستفهامية (٤) بمعنى النفي ، ولا حاجة إليه وقوله (ما كانُوا) يجوز أن يكون «ما» مصدرية ، ومحلها الرفع أي مكسوبهم أو كسبهم ويجوز أن يكون بمعنى الذي (٥) فلا عائد على الأول وعلى الثاني هو محذوف أي يكسبونه وهي فاعل «بأغنى» على التقديرين.
__________________
ـ الاختيار إثبات التاء ولا تثنى ولا تجمع. انظر شرح المرادي على الألفية ٣ / ٣١٠ والبحر المحيط ٧ / ٤٨٧.
(١) في ب : الموصول.
(٢) وفيها : على أبي حيان.
(٣) وانظر الدر المصون ٤ / ٧١٣.
(٤) قال بذلك الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٣٩.
(٥) المرجعين السابقين.