بين الحق والباطل. والثاني أن يكون قسما على تقدير حذف اللام ، بمعنى : والله لقد افترينا على الله كذبا.
(وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (٩٠) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٩١) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ)(٩٢)
(وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) أى أشرافهم للذين دونهم يثبطونهم عن الإيمان (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) لاستبدالكم الضلالة بالهدى ، كقوله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) وقيل : تخسرون باتباعه فوائد البخس والتطفيف لأنه ينهاكم عنهما ويحملكم على الإيفاء والتسوية. فإن قلت : ما جواب القسم الذي وطأته اللام في (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً) وجواب الشرط؟ قلت : قوله (إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) سادّ مسدّ الجوابين (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً) مبتدأ خبره (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) وكذلك (كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ) وفي هذا الابتداء معنى الاختصاص ، كأنه قيل : الذين كذبوا شعيباً هم المخصوصون بأن أهلكوا واستؤصلوا ، كأن لم يقيموا في دارهم ، لأنّ الذين اتبعوا شعيباً قد أنجاهم الله ، الذين كذبوا شعيباً هم المخصوصون بالخسران العظيم ، دون أتباعه فإنهم الرابحون. وفي هذا الاستئناف والابتداء وهذا التكرير : مبالغة في ردّ مقالة الملإ لأشياعهم ، وتسفيه لرأيهم ، واستهزاء بنصحهم لقومهم واستعظام لما جرى عليهم.
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ)(٩٣)
الأسى : شدّة الحزن. قال العجاج :
وانحلبت عيناه من فرط الأسى
اشتدّ حزنه على قومه ثم أنكر على نفسه فقال : فكيف يشتدّ حزنى على قوم ليسوا بأهل للحزن عليهم لكفرهم واستحقاقهم ما نزل بهم ويجوز أن يريد لقد أعذرت إليكم في الإبلاغ والنصيحة والتحذير مما حلّ بكم فلم تسمعوا قولي ولم تصدقوني فكيف آسى عليكم يعنى أنه لا يأسى عليهم لأنهم ليسوا أحقاء بالأسى. وقرأ يحيى بن وثاب : فكيف إيسى ، بكسر الهمزة.