سورة التوبة
مدنية [إلا الآيتين الأخيرتين فمكيتان]
وآياتها ١٣٠ وقيل ١٢٩ [نزلت بعد المائدة]
لها عدة أسماء : براءة ، التوبة ، المقشقشة ، المبعثرة ، المشردة ، المخزية ، الفاضحة ، المثيرة ، الحافرة ، المنكلة ، المدمدمة ، سورة العذاب ، لأنّ فيها التوبة على المؤمنين ، وهي تقشقش من النفاق أى تبرئ منه ، وتبعثر عن أسرار المنافقين تبحث (١) عنها وتثيرها وتحفر عنها وتفضحهم وتنكلهم وتشرد بهم وتخزيهم وتدمدم عليهم. وعن حذيفة رضى الله عنه : إنكم تسمونها سورة التوبة ، وإنما هي سورة العذاب ، والله ما تركت أحداً إلا نالت منه. فإن قلت : هلا صدرت بآية التسمية كما في سائر السور؟ قلت : سأل عن ذلك عبد الله بن عباس عثمان رضى الله عنهما فقال : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه السورة أو الآية قال : اجعلوها في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا ، وتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أين نضعها ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها ، (٢) فلذلك قرنت بينهما ، وكانتا تدعيان القرينتين (٣). وعن أبى كعب : إنما توهموا ذلك ، لأنّ في الأنفال ذكر العهود وفي براءة نبذ العهود. وسئل ابن عيينة رضى الله عنه فقال : اسم الله سلام وأمان ، فلا يكتب في النبذ والمحاربة ، قال تعالى (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) قيل : فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد كتب إلى أهل الحرب : بسم الله الرحمن الرحيم. قال : إنما ذلك ابتداء يدعوهم ولم ينبذ إليهم ، ألا تراه يقول (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) (٤) فمن دعى إلى الله عزّ وجلّ فأجاب ودعى (٥) إلى الجزية فأجاب فقد اتبع الهدى ، وأمّا النبذ فإنما هو البراءة
__________________
(١) قوله «تبحث» لعله أى تبحث. (ع)
(٢) قوله «شبيهة بقصتها» هذا الضمير للأنفال ، بدليل التشبيه ، وإن لم يجر لها ذكر هنا. وعبارة الخازن ولم يبين لنا أين نضعها ، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة ، وكانت التوبة من آخر ما نزل من القرآن ، وكانت قصتها ... الخ. (ع)
(٣) أخرجه أصحاب السنن ، وابن حبان وأحمد وإسحاق وأبو يعلى والبزار. من طريق يوسف بن مهران. ويزيد الفارسي. عن ابن عباس. قال «سألت عثمان بن عفان ، ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين ، فقرنتم بينهما فذكر الحديث بطوله سوى قوله وكانتا تدعيان القرينتين ، فلم يذكرها إلا إسحاق
(٤) هو في حديث ابن عباس الطويل عن أبى سفيان. وهو متفق عليه. وفيه فقرأ الكتاب فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى هر قل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى. الحديث.
(٥) قوله «ودعى» لعله : أو دعى. (ع)