كالجيف (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) ما كسبتم من الآثام فيه (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ) ثم يبعثكم من القبور في شأن ذلك الذي قطعتم به أعماركم ، من النوم بالليل ، وكسب الآثام بالنهار ، ومن أجله ، كقولك : فيم دعوتني؟ فتقول : (١) في أمر كذا (لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى) وهو الأجل الذي سماه وضربه لبعث الموتى وجزائهم على أعمالهم. (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) وهو المرجع إلى موقف الحساب (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) في ليلكم ونهاركم.
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ)(٦٢)
(حَفَظَةً) ملائكة حافظين لأعمالكم وهم الكرام الكاتبون. وعن أبى حاتم السجستاني كان يكتب عن الأصمعى كل شيء يلفظ به من فوائد العلم ، حتى قال فيه. أنت شبيه الحفظة ، تكتب لغط اللفظة : فقال أبو حاتم : وهذا أيضاً مما يكتب. فإن قلت : الله تعالى غنىّ بعلمه عن كتبة الملائكة ، فما فائدتها؟ قلت : فيها لطف للعباد ، لأنهم إذا علموا أن الله رقيب عليهم والملائكة الذين هم أشرف خلقه موكلون بهم يحفظون عليهم أعمالهم ويكتبونها في صحائف تعرض على رؤس الأشهاد في مواقف القيامة ، كان ذلك أزجر لهم عن القبيح وأبعد عن السوء (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) أى استوفت روحه وهم ملك الموت وأعوانه. وعن مجاهد : جعلت الأرض له مثل الطست يتناول من يتناوله. وما من أهل بيت إلا ويطوف عليهم في كل يوم مرّتين. وقرئ : توفاه. ويجوز أن يكون ماضياً ومضارعا بمعنى تتوفاه. و (يُفَرِّطُونَ) بالتشديد والتخفيف ، فالتفريط التواني والتأخير عن الحدّ ، والإفراط مجاوزة الحدّ أى لا ينقصون مما أمروا به أو لا يزيدون فيه (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ) أى إلى حكمه وجزائه (مَوْلاهُمُ) مالكهم الذي يلي عليهم أمورهم (الْحَقِ) العدل الذي لا يحكم إلا بالحق (أَلا لَهُ الْحُكْمُ) يومئذ لا حكم فيه لغيره (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) لا يشغله حساب عن حساب. وقرئ (الْحَقِ) بالنصب على المدح كقولك : الحمد لله الحق.
(قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ)(٦٤)
__________________
(١) قوله «فتقول في أمر كذا» لعله : فيقول. (ع)