وقيل : اللام في (الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) لتعريف الجنس كأنه يقسم بالبيوت المعمورة والعمائر المشهورة) (١).
قوله : (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) يعني السماء. ونظيره : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً)(٢) [الأنبياء : ٣٢].
قوله : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قيل : هو من الأضداد ، يقال : بحر مسجور أي مملوء ، وبحر مسجور أي فارغ (٣). وروى ذو الرمة الشاعر عن ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٤) ـ أنه قال : خرجت أمة لتستقي فقالت : إن الحوض مسجور ؛ أي فارغ (٥). ويؤيد هذا أن البحار يذهب ماؤها يوم القيامة.
وقيل : المسجور الممسوك ، ومنه ساجور الكلب لأنه يمسكه ويحبسه (٦). وقال محمد بن كعب القرظيّ والضّحّاك : يعني الموقد المحمّى بمنزلة التّنّور المحمّى ، وهو قول ابن عباس (ـ رضي الله عنهما ـ) (٧) ؛ لما روى أن الله تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة نارا فيزاد بها في نار جهنم كما قال تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) [التكوير : ٦].
وروى عبد الله بن عمر ـ (رضي الله عنهما) (٨) ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لا يركبنّ رجل بحرا إلّا غازيا أو معتمرا أو حاجّا ، فإنّ تحت البحر نارا وتحت النّار بحرا».
وقال الربيع بن أنس : المسجور المختلط العذب بالمالح. وروى الضحاك عن النّزّال (٩) بن سبرة (١٠) عن علي أنه قال : البحر المسجور : هو بحر تحت العرش ، كما بين سبع سموات إلى سبع أرضين فيه ماء غليظ ، يقال له : بحر الحيوان يمطر العباد منه بعد النفخة الأولى أربعين صباحا فينبتون في قبورهم. وهذا قول مقاتل (١١).
فصل
قيل : الحكمة في القسم بهذه الثلاثة أشياء أن هذه الأماكن الثلاثة وهي : الطور ، والبيت المعمور ، والبحر المسجور كانت لثلاثة أنبياء للخلوة بربهم والخلاص من الخلق
__________________
(١) الرازي ٢٨ / ٢٣٩. هذا وما بين القوسين كله سقط من نسخة «ب».
(٢) وانظر القرطبي السابق والبغوي ٦ / ٢٤٧.
(٣) رواه صاحب اللسان عن أبي عليّ. وانظر اللسان «سجر» ١٩٤٣ كما رواه أيضا عن أبي زيد.
(٤) زيادة من (أ).
(٥) وقال ابن أبي داود : ليس لذي الرمة حديث إلا هذا. وانظر القرطبي ١٧ / ٦١.
(٦) اللسان سجر ١٩٤٣.
(٧) زيادة من (أ).
(٨) زيادة من (أ).
(٩) في (ب) البزار.
(١٠) وفي كلتا النسختين سمرة والتصحيح من البغوي.
(١١) وانظر هذه الأقوال في تفسير البغوي ٦ / ٢٤٩.