فصل
قال جبير بن مطعم : قدمت المدينة لأكلم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في أسارى بدر فدفعت إليه وهي يصلي بأصحابه المغرب وصوته يخرج من المسجد فسمعته يقرأ (وَالطُّورِ) إلى قوله : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) فكأنما صدّع قلبي حين سمعت (ه) ولم أكن أسلم(١) يومئذ قال : فأسلمت خوفا من نزول العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مكاني حتى يقع بي العذاب (٢).
قوله تعالى : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١٦)
قوله : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ) يجوز أن يكون العامل فيه : «واقع» أي يقع في ذلك اليوم. وعلى هذا فتكون الجملة المنفية معترضة بين العامل (٣) ومعموله (٤). ويجوز أن يكون العامل فيه «دافع». قاله الحوفيّ (٥) ، وأبو البقاء (٦). ومنعه مكّيّ (٧).
قال أبو حيان : ولم يذكر دليل المنع (٨). قال شهاب الدين : وقد ذكر دليل المنع في الكشف (٩) إلا أنه ربما يكون غلطا عليه فإنه وهم ، وعبارته قال : العامل فيه واقع أي إن عذاب ربك لواقع في (١٠) يوم تمور السّماء ، ولا يعمل فيه «دافع» ؛ لأن المنفي لا يعمل فيما قبل النّافي ، لا يقول : طعامك ما زيد آكلا ، رفعت آكلا أو نصبته أو أدخلت عليه الباء. فإن رفعت الطعام بالابتداء وأوقعت «آكلا» على «هاء» جاز وما بعد الطعام خبرا (١١). انتهى (١٢).
__________________
(١) في البغوي : ولم يكن أسلم يومئذ ، وفي (ب) ولم أكن أسلمت والبغوي و (ب) هما الواضحان بالمقصود.
(٢) وانظر تفسير البغوي والخازن ٦ / ٢٤٩.
(٣) وهو واقع.
(٤) وهو يوم.
(٥) البحر المحيط ٨ / ١٤٧.
(٦) التبيان ١١٨٣.
(٧) مشكل الإعراب ٢ / ٣٢٧.
(٨) بل ذكر الدليل كما سيأتي بعد وانظر قول أبي حيان في البحر ٨ / ١٤٧.
(٩) هذا خطأ. والصحيح المشكل المرجع السابق. ولم يتعرض في الكشف لهذا الكلام على الإطلاق ، فلعلّه سهو من النّاسخ أو المؤلف.
(١٠) زيادة عما في المشكل.
(١١) كذا في النسختين وفي المشكل : «خبرة».
(١٢) وانظر مشكل إعراب القرآن لمكّي ٢ / ٣٢٧.