والباء متعلقة بكلوا واشربوا إذا جعلت الفاعل الأكل والشرب (١). وهذا من محاسن كلامه.
قال أبو حيان : أما تجويزه زيادة الباب فليست بمقيسة في الفاعل إلا في فاعل «كفى» على خلاف (٢) فيها فتجويزها هنا لا يسوغ.
وأما قوله : إنّها تتعلق ب (كُلُوا وَاشْرَبُوا) فلا يصح إلا على الإعمال فهي تتعلق بأحدهما. انتهى (٣). وهذا قريب.
قوله : (مُتَّكِئِينَ) فيه أوجه :
أحدها : أنه حال من فاعل : «كلوا».
الثاني : أنه حال من فاعل : «أتاهم».
الثالث : أنه حال من فاعل : «وقاهم».
الرابع : أنه حال من الضمير المستكنّ في الظرف.
الخامس : أنه حال من الضمير في : «فاكهين» (٤).
وأحسنها أن يكون حالا من ضمير الظرف (٥) لكونه عمدة.
وقوله : (عَلى سُرُرٍ) متعلق ب (مُتَّكِئِينَ).
وقراءة العامة بضم الراء الأولى. وأبو السّمّال بفتحها (٦). وقد تقدم أنها لغة لكلب في المضعف يفرون من توالي ضمتين في المضعف.
قوله : (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) قرأ عكرمة بحور عين (٧) بإضافة الموصوف إلى صفته على التأويل المشهور (٨).
فصل
اعلم أنه تعالى بين أسباب التنعيم على الترتيب ، فأول ما يكون المسكن وهو الجنّات ثم الأكل والشرب ، ثم الفرش والبسط ثم الأزواج ، فهذه أمور أربعة ذكرها الله
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) زيادة الباء في كفى غالبة وواجبة ، وضرورة ، فالغالبة كما هنا في : «كفى بالله» ، وقال الزجاج : دخلت الباء لتضمن كفى معنى اكتف. وقال ابن السّرّاج : الفاعل ضمير الاكتفاء وصحة قوله موقوفة على جواز تعلق الجار بضمير المصدر. وهو قول الفارسيّ والرّمانيّ أجازوا : «مروري بزيد حسن وهو بعمرو قبيح». وانظر المغني في حرف «الباء» ص ١٠٦ و ١٠٧ إلى ١١١.
(٣) البحر ٨ / ١٤٨.
(٤) قاله بهذه الأوجه العكبريّ في التبيان ١١٨٤.
(٥) البحر السابق.
(٦) على وزن فعل.
(٧) وقد ذكر هاتين القراءتين أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ١٤٨ وكلتاهما شاذّة.
(٨) أي بزوجات حور عين.