بإسناد الفعل إلى الذرية وإلحاق تاء التأنيث (١). وقد تقدم الخلاف في إفراد ذرياتهم وجمعه في سورة الأعراف (٢).
فصل
اختلفوا في معنى الآية ، فقيل معناها : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان يعني أولادهم الصغار والكبار فالكبار بإيمانهم بأنفسهم ، والصغار بإيمان آبائهم ، فإن الولد الصغير يحكم بإسلامه تبعا لأحد الأبوين.
وقوله : ألحقنا بهم ذرّيّاتهم ، أي المؤمنين في الجنة بدرجاتهم وإن لم يبلغوا بأعمالهم درجات آبائهم تكرمة لآبائهم ، لتقرّ بذلك أعينهم. وهي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس. وقيل : معناه (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) البالغون «بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم» الصّغار الذين لم يبلغوا الإيمان بإيمان آبائهم. وهو قول الضّحّاك في رواية (٣) العوفيّ عن ابن عباس. أخبر الله عزوجل أنه يجمع لعبده ذرّيته في الجنة كما كان يحب في الدنيا أن يجتمعوا إليه يدخلهم الجنة بفضله ويلحقهم بدرجته بعمل أيديهم من غير أن ينقص الآباء من أعمالهم شيئا فذلك قوله : (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ).
روي عن عليّ ـ رضي الله عنه ـ قال : سألت خديجة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن ولدين لها ماتا في الجاهلية فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : هما في النار ، فلما رأى الكراهية في وجهها قال : لو رأيت مكانهما لأبغضتهما. قالت يا رسول الله : فولدي منك قال : في الجنة. ثم قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إنّ المؤمنين وأولادهم في الجنّة وإنّ المشركين وأولادهم في النّار» ثم قرأ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «والّذين آمنوا وأتبعناهم ذرّيّاتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرّيّاتهم» (٤).
قوله : (وَما أَلَتْناهُمْ) قرأ ابن كثير ألتناهم بكسر (٥) اللام. والباقون بفتحها (٦).
فأما الأولى فمن ألت يألت بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع كعلم يعلم. وأما الثانية : فيحتمل أن تكون من ألت يألت كضرب يضرب ، وأن يكون من ألات يليت كأمات يميت فألتناهم كأمتناهم.
وقرأ ابن هرمز آلتناهم (٧) ـ بألف بعد الهمزة ـ على وزن أفعلناهم ، يقال : آلت
__________________
(١) الكشف ٢ / ٢٩٠ وحجة ابن خالويه ٣٣٣ وهي قراءة سبعية متواترة.
(٢) عند قوله : «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ ذُرِّيَّتَهُمْ»[الأعراف : ١٧٢].
(٣) في (ب): «ورواية». وهو المناسب والموافق لما في البغوي.
(٤) وانظر تفسيري البغوي والخازن ٦ / ٢٥٠ و ٢٥١.
(٥) وهي لغة فيه.
(٦) وهي لغة أيضا. وانظر الكشف والحجة لابن خالويه السابقين. وانظر أيضا السبعة ٦١٢.
(٧) وهي قراءة شاذة غير متواترة. ذكرها أبو الفتح في المحتسب ٢ / ٢٩٠ وابن خالويه في المختصر ١٤٦ وانظر أيضا الكشاف ٤ / ٢٤ والبحر ٨ / ١٤٩.