وقال الجوهري : والمّرة أحد الطبائع الأربع. والمرّة : القوة وشدة العقل أيضا. ورجل مرير أي قريب ذو مرة قال :
٤٥٤٧ ـ ترى الرّجل النّحيف فتزدريه |
|
وحشو ثيابه أسد مرير (١) |
وقال لقيط :
٤٥٤٨ ـ حتّى استمرّت على شزر مريرته |
|
مرّ العزيمة لا رتّا ولا ضرعا (٢) |
فصل
ذو مرة ذو قوة وشدة في خلقه يعني جبريل قال ابن عباس : ذو مرّة أي ذو منظر حسن. وقال مقاتل : وقيل : ذو كمال في العقل والدين ذو خلق طويل حسن. وقيل : ذو كمال في العقل والدين جميعا. وقيل : ذو منظر وهيئة عظيمة. فإن قيل : قد تبين كونه ذا قوة بقوله : (شَدِيدُ الْقُوى) فكيف قال بعده : ذو مرة إذا فسرنا المرّة بالقوة؟!.
قال ابن الخطيب : وقوله هنا : ذو قوة بدل من (شَدِيدُ الْقُوى) وليس وصفا له تقديره: ذو قوة عظيمة. ووجه آخر وهو أن إفراد «قوى» بالذكر ربّما يكون لبيان أن قواه المشهورة شديدة وله قوة أخرى خصّه الله بها ، يقال فلان كثير المال وله مال لا يعرفه أحد أي أمواله الظاهرة كثيرة وله مال باطن. ثم قال : على أنّا نقول : المراد ذو شدة وهي غير القوة وتقديره علمه من قواه شديدة وفي ذاته أيضا شدة فإن الإنسان ربّما تكون قواه شديدة وفي جسمه حقارة. ويحتمل أن يكون المراد بقوله : (شَدِيدُ الْقُوى) قوته في العلم وبقوله : (ذُو مِرَّةٍ) أي شدة في جسمه فقدم العلميّة على الجسميّة كقوله تعالى : (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)(٣) [البقرة : ٢٤٧].
وقوله : (فَاسْتَوى) يعني جبريل في خلقه. قال مكي (٤) : استوى يقع للواحد وأكثر ما يقع من اثنين ولذلك جعل الفرّاء الضمير لاثنين (٥).
قوله : (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) في الضمير وجهان :
__________________
(١) من الوافر للعباس بن مرادس وفي تاج العروس : وفي أثوابه رجل مزير. ويروى : أسد مزير. والمزير : شديد القلب القوي النافذ في الأمور. وعلى الروايتين الأخيرتين لا شاهد ، فالشاهد على الرواية الأولى حيث يراد بالمرير القوي ، وانظر التاج «مرر» والقرطبي ١٧ / ٨٦ ، والصّحاح (م ر ر). (٢) من البسيط للقيط بن زرارة. والرّتة ردة قبيحة في اللسان من العيب وما في الديوان : «لا قحما» والقحم الشيخ الهرم يعتريه خرق وخرف ، والضّرع اللين الذليل والبيت بعد واضح. وانظر اللغة في اللسان والصحاح «مرر» والشاهد كسابقه في المريرة حيث أن معناها القوة وانظر القرطبي ١٧ / ٨٦.
(٣) انظر تفسير الرازي ٢٨ / ٢٨٥.
(٤) مشكل الإعراب له ٢ / ٣٣٠.
(٥) من بقية كلامه وانظر معاني القرآن للفراء ٣ / ٩٥ والقرطبي ١٧ / ٨٥.