والقوس معروفة (١) وهي مؤنثة وشذوا في تصغيرها فقالوا : قويس من غير تأنيث كعريب وحريب ويجمع على قسيّ. وهو مقلوب (٢) من قووس (٣).
والقوس برج في السماء (٤) ، فأما القوس ـ بالضم ـ فصومعة الرّاهب (٥) قال الشاعر :
٤٥٥٢ ـ لاستفتنتني وذا المسحين في القوس (٦)
قوله : (أَوْ أَدْنى) هي كقوله : (أَوْ يَزِيدُونَ) ؛ لأن المعنى فكان يأخذ هذين المقدارين في رأي الرائي أي لتقارب ما بينهما يشك الرائي في ذلك.
و «أدنى» أفعل تفضيل والمفضل عليه محذوف أي أو أدنى من قاب قوسين.
فصل
روى الشيبانيّ قال : سألت زرّا عن قوله تعالى : (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) قال : أخبرنا عبد الله يعني ابن مسعود أن محمدا رأى جبريل له ستمائة جناح. فمعنى الآية : ثم دنا جبريل بعد استوائه بالأفق الأعلى من الأرض فتدلى فنزل إلى محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فكان منه قاب قوسين أو أدنى بل أدنى ؛ وبهذا قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة. وقال آخرون : دنا الربّ من محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فتدلى فقرب منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى.
قال البغوي : وروينا في قصة المعراج عن شريك بن عبد الله عن أنس : ودنا الجبّار ربّالعزة فتدلى حتى كان قاب قوسين أو أدنى (٧). وهذه رواية ابن سلمة عن ابن عباس. وقال مجاهد : دنا جبريل من ربه. وقال الضحاك : دنا محمد من ربه. فتدلى فأهوى للسجود فكان منه قاب قوسين أو أدنى. وتقدم الكلام على القاب. والقوس ما يرمى به في قول مجاهد ، وعكرمة ، وعطاء عن ابن عباس فأخبر أنه كان بين جبريل وبين
__________________
(١) في (ب) معروف.
(٢) قلبا مكانيا.
(٣) على فعول. وبعد القلب أصبح على «فلوع» بتقديم اللام على العين.
(٤) اللسان «قوس» ٣٧٧٤.
(٥) وقيل : رأس الصومعة. وقيل : موضع الراهب. وقيل : هو الراهب بعينه. وانظر المرجع السابق.
(٦) عجز بيت من البسيط لجرير وصدره :
لا وصل إذ صرفت هند ولو وقفت
والشاهد : في كلمة القوس فمعناها صاحب الصومعة أو الراهب أو رأس الصومعة ، وانظر البيت في الديوان ٣٩١ ، والقرطبي ١٧ / ٩١ ، واللسان قوس وبعد البيت :
قد كنت تربا لنا يا هند فاعتبري |
|
ماذا يريبك من شيبي وتقويسي |
أي قد كنت تربا من أترابي ، وشبت كما شبت فما بالك يريبك شيبي ولا يريبني شيبك؟!.
(٧) معالم التنزيل ٦ / ٢٥٦.