٤٥٥٣ ـ لو كنت صادقة الّذي حدّثتني |
|
لنجوت منجى الحارث بن هشام (١) |
أي في الذي حدثتني.
وجوز في (ما) وجهين (٢) آخرين :
أحدهما : أن يكون بمعنى الذي.
والثاني : أن تكون مصدرية ويجوز أن يكون فاعل (رأى) ضميرا يعود على الفؤاد أي لم يشك قلبه فيما رآه بعينه (٣).
فصل
قال الزمخشري معناه : أن قلبه لم يكذب وما قال إن من يراه بصرك ليس بصحيح ولو قال فؤاده ذلك لكان كاذبا فيما قاله (٤) فما كذب الفؤاد. هذا على قراءة التخفيف ، يقال : كذبه إذا قال له الكذب.
وأما قراءة التشديد فمعناه ما قال : إن المرئيّ خيال لا حقيقة (٥).
وأما الرائي فقيل : هو الفؤاد كأنه تعالى قال : ما كذب الفؤاد ما رآه الفؤاد أي لم يقل : إنه هاجس شيطان بل تيقن أن ما رآه بفؤاده صدق صحيح. وقيل : الرائي هو البصر أي ما كذب الفؤاد ما رآه البصر خيال. وقيل : ما كذب الفؤاد وما رأى محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعلى هذا فالمراد بالفؤاد الجنس ؛ أي القلوب شهدت بصحة ما رآه محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
وأمّا المرئي فقيل : هو الرب تعالى. وقيل : جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقيل : الآيات العجيبة الإلهيّة. فالقائل بأن المرئي جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ هو ابن مسعود وعائشة ـ رضي الله عنهما ـ ومن قال بأن المرئيّ هو الله تعالى اختلفوا في معنى الرؤية ، فقال بعضهم : جعل بصره في فؤاده فرآه بفؤاده. وهو قول ابن عباس ، قال : رآه بفؤاده مرتين (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى). وقال أنس والحسن وعكرمة : رأى محمد ربّه بعينيه. وروى عكرمة عن ابن عباس (رضي الله (٦) عنهما) قال : «إنّ الله
__________________
(١) من الكامل له ـ رضي الله عنه ـ وهو في القرطبي ١٧ / ٩٣ وإعجاز القرآن للباقلاني ١٨٠. وشاهده : أن ما موصولة قد حذف حرف الجر الداخل عليها كما أخبر هو أعلى في التقدير ، و «ما» هنا قبل التقدير في موضع نصب على نزع الخافض.
(٢) كذا في النسختين بالنصب فإن كان يقصد مكيّا فهو كذب أو تكرير حيث تحدث قبل عن موصولية «ما» ، وإن كان يقصد الرفع على نائب الفاعل فإن الكلمة تصبح خطأ.
(٣) وانظر المشكل لمكي السابق ٢ / ٣٣١ والتبيان ١١٨٧.
(٤) باللفظ من الرازي ٢٨ / ٢٨٩ وبالمعنى من الكشاف ٤ / ٢٩.
(٥) وهو قول الرازي في مرجعه السابق.
(٦) زيادة من (أ).