قال ابن الخطيب : في «الكبرى» وجهان :
أحدهما : أنها صفة لمحذوف تقديره لقد رأى من آيات ربه الآية الكبرى.
ثانيهما : صفة لآيات ربه فيكون مفعول رأى محذوفا تقديره رأى من آيات ربّه الكبرى آية أو شيئا (١).
فصل
قال بعض المفسرين : آيات ربه الكبرى هي أنه رأى جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ في صورته. قال ابن الخطيب : والظاهر أن هذه الآيات غير تيك (٢) ، لأن جبريل ـ عليه الصّلاة والسلام ـ وإن كان عظيما ، لكن ورد في الأخبار أن لله (٣) ملائكة أعظم منه. و «الكبرى» تأنيث الأكبر فكأنه تعالى قال : رأى من آيات ربّه آيات هي أكبر الآيات (٤).
فصل
قال المفسرون : رأى رفرفا أخضر سدّ أفق السماء. قال البيهقيّ (٥) : الرفرف جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ في صورته على رفرف ، والرّفرف البساط. وقيل : ثوب كان يلبسه. وقال القرطبي : وروى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله تعالى : (دَنا فَتَدَلَّى) أنه على التقديم والتأخير ، أي تدلى الرفرف لمحمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ليلة المعراج فجلس عليه ثم رفع فدنا من ربه قال : فارقني جبريل وانقطعت عنّي الأصوات وسمعت كلام ربّي. فعلى هذا الرفرف ما يجلس(٦) عليه كالبساط ونحوه.
فصل
قال ابن الخطيب (هذه الآية) (٧) تدل على أن محمدا ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم ير الله ليلة المعراج وإنما رأى آيات الله. وفيه خلاف. ووجه الدلالة أنه ختم قصة المعراج ههنا برؤية الآيات وقال : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) إلى أن قال : (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) [الإسراء : ١] ولو كان رأى ربه لكان ذلك أعظم ما يمكن فكان أكبر شيء هو الرؤية ، فكان الأمر للرؤية(٨).
قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ
__________________
(١) التفسير الكبير ٢٨ / ٢٩٥.
(٢) كذا في النسختين وفي تفسيره : تلك.
(٣) في (ب) الله ملكه.
(٤) وانظر الرازي ٢٨ / ٢٩٥ السابق.
(٥) سبق التعريف به.
(٦) في القرطبي : ما يقعد ويجلس عليه. وانظر القرطبي ١٧ / ٩٨.
(٧) ما بين القوسين تكملة من (ب).
(٨) والمعنى من تفسير الرازي ٢٨ / ٢٩٥.