اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣) أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى)(٢٥)
قوله : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) لما قرر الرسالة ذكر ما ينبغي أن يبتدىء به الرسول وهو التوحيد ومنع الخلق عن الإشراك ، فقوله : «أفرأيتم» إشارة إلى إبطال قولهم بنفس القول كما إذا ادعى ضعيف الملك ثم رآه العقلاء في غاية البعد عما يدعيه يقولون : انظروا إلى هذا الذي يدعي الملك منكرين عليه غير مستدلين بدليل لظهور أمره فكذلك قال : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) أي كما هما فكيف تشركونهما بالله؟ (١)
فصل
والألف واللام في (اللَّاتَ) زائدة لازمة ، فأما قوله :
٤٥٥٥ ـ .......... |
|
إلى لاتها ... (٢) |
فحذفت للإضافة.
وقيل : هي والعزى علمان بالوضع ، أو صفتان غالبتان (٣)؟ خلاف. ويترتب على ذلك جواز صدق «أل» وعدمه.
فإن قلنا : إنهما ليسا وصفين في الأصل فلا تحذف منهما «أل». وإن قلنا : إنهما صفتان وإنّ «أل» للمح الصفة جاز ، وبالتقديرين «فأل» زائدة. وقال أبو البقاء : وقيل : هما صفتان غالبتان مثل الحارث والعبّاس فلا تكون أل زائدة (٤). انتهى.
قال شهاب الدين : وهو غلط ، لأن التي للمح الصفة منصوص على زيادتها (٥) بمعنى أنها لم تؤثر تعريفا. واختلف في تاء اللات ، فقيل : أصل (٦) وأصله من لات يليت فألفها عن ياء ، فإن مادة «ل ي ت» موجودة. وقيل : زائدة وهي من لوى يلوي ، لأنهم
__________________
(١) قال بهذه الحجج الإمام الفخر في مرجعه السابق.
(٢) جزء من بيت سيجيء تحقيقه الآن.
(٣) نقول : والعلم بالوضع أي المرتجل وهو يقابل العلم بالنقل وهناك واسطة بينهما لا توصف بنقل أو ارتجال. وهذا رأي الأكثرين. وذهب بعضهم : إلى أن الأعلام كلها منقولة وليس منها شيء مرتجل وقال : إن الوضع سبق ووصل إلى المسمى الأول ، وعلم مدلول تلك اللفظة في النكرات وسمي بها وجهلنا نحن أصلها فتوهمها من سمى بها من أجل ذلك مرتجلة ، وذهب الزجاج إلى أنها كلها مرتجلة والمرتجل عنده ما لم يقصد في وضعه النقل من محلّ آخر إلى هذا. ولهذا لم تجعل «أل» في الحارث زائدة. وانظر همع الهوامع ١ / ٧١.
(٤) التبيان ١١٨٧. أقول : وقوله موافق لرأي الزجاج في العلم.
(٥) وإن كانت زيادة غير لازمة وهي كثيرة واقعة في الفصيح ويتوقف هذا على السماع ألا ترى أنه لا يقال مثل ذلك في نحو : محمّد ومعروف وأحمد. وانظر مغني ابن هشام ٥١.
(٦) كالباء من الباب.