والمجرة بينهما وتسمى الشامية ، وسبب تسميتها بالغميصاء ـ على ما زعمت العرب في بعض خرافاتها ـ أنهما كانتا أختين لسهيل فانحدر سهيل إلى اليمن فاتبعته الشّعرى العبور فعبرت المجرة فسمّيت العبور ، وأقامت الغميصاء تبكي لفقده ، حتى غمصت عينها ، ولذلك كانت أخفى من العبور. وقد كان من لا يعبد الشّعرى من العرب يعلمها ويعتقد تأثيرها في العالم قال :
٤٥٧٤ ـ مضى أيلول وارتفع الحرور |
|
وأخبت نارها الشّعرى العبور (١) |
فصل
وهذا الآية إشارة إلى فساده قول قوم آخرين ؛ لأن بعض الناس يذهب إلى أن الفقر والغنى بكسب الإنسان واجتهاده ، فمن كسب استغنى ، ومن كسل افتقر ، وبعضهم يذهب إلى أن ذلك بسبب الطالع وذلك بالنجوم فقال : هو أغنى وأقنى وإن قال قائل : إن الغنى بالنجوم فيقال: هو ربّ النجوم ومحرّكها لقوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) لإنكارهم ذلك أكّد بالفصل(٢).
قوله : (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) اعلم أن هذه الآية الكريمة من أشكل الآيات نقلا وتوجيها.
قال شهاب الدين (رحمهالله) (٣) : وقد يسّر الله تعالى تحرير ذلك بحوله وقوّته فأقول : إن القراء اختلفوا في ذلك على أربع رتب :
إحداها : قرأ ابن كثير وابن عامر والكوفيون «عاد الأولى» بالتنوين مكسورا وسكون اللام وتحقيق الهمزة بعدها. هذا كله في الوصل ، فإذا وقفوا على «عاد» ابتدأوا ب «الأولى» فقياسهم أن يقولوا الأولى بهمزة الوصل وسكون اللام وتحقيق الهمزة (٤).
الثانية : قرأ قالون : عادا لّؤلى بإدغام التنوين في اللام ونقل حركة الهمزة إلى لام التعريف وهمز الواو (٥) هذا في الوصل ، وأما في الابتداء ب «الأولى» فله ثلاثة أوجه :
الأول : الؤلى ـ بهمزة وصل ثم بلام مضمومة ثم بهمزة ساكنة.
__________________
(١) من الوافر ولم أعرف قائله وجاء به شاهدا على أن الشّعرى نوع من أنواع الكواكب كما أخبر أعلى.
وانظر القرطبي ١٧ / ١١٩ وتفسير البغوي والخازن ٦ / ٢٧٠ و ٢٧١.
(٢) بالمعنى من الرازي ١٥ / ٢٣ و ٢٤.
(٣) زيادة من أ. وانظر رأيه في تلك القراءة في الدر المصون مخطوط بلدية اسكندرية تحت رقم ١١٨.
(٤) ذكر هذه القراءة ابن مجاهد في السبعة وصاحب الإتحاف ٤٠٤ ونسب أبو حيان هذه القراءة إلى الجمهور. انظر البحر ٨ / ١٦٩ وكذلك مكيّ في المشكل ٢ / ٢٩٦.
(٥) قال في الإتحاف : واختلف عن قالون في طريقته في همز الواو ، غير أن الهمز أشهر عن الحلواني وعدمه أشهر عن أبي نشيط.