أما قراءة ابن كثير ومن معه فإنهم صرفوا «عادا» إمّا لأنه اسم للحيّ أو الأب فليس فيه ما يمنعه ، وإمّا لأنه وإن كان مؤنثا اسما للقبيلة أو الأم إلا أنه مثل هند (١) ودعد ، فيجوز فيه الصرف وعدمه فيكون كقوله :
٤٥٧٦ ـ لم تتلفّع بفضل مئزرها |
|
دعد ولم تسق دعد في العلب (٢) |
فصرفها أولا ومنعها ثانيا.
ولم ينقلوا حركة الهمزة إلى لام التعريف فالتقى ساكنان فكسروا التنوين لالتقائهما على ما هو المعروف من اللّغتين. وحذفوا همزة الوصل من الأولى للاستغناء عنها بحركة التنوين وصلا ، فإذا ابتدأوا بها احتاجوا إلى همزة الوصل فأتوا بها ، فقالوا «الاولى» كنظيرها من همزات الوصل ، وهذه قراءة واضحة لا إشكال فيها ومن ثم اختارها الجمّ الغفير.
وأما قراءة من أدغم التنوين في لام التعريف ـ وهما نافع وأبو عمرو ـ مع اختلافهما في أشياء كما تقدم فوجهه الاعتداد بحركة النقل ، وذلك أن من العرب من إذا نقل حركة الهمزة إلى ساكن قبلها كلام التعريف عاملها معاملتها ساكنة ، ولا يعتدّ بحركة النقل فيكسر الساكن الواقع قبلها ، ولا يدغم فيها التنوين ويأتي قبلها بهمزة الوصل فيقول : لم يذهب الحمر ، ورأيت زيادا العجم من غير إدغام التنوين ، والحمر والعجم بهمزة الوصل ؛ لأن اللام في حكم السكون ، وهذه هي اللغة المشهورة. ومنهم من يعتدّ بها فلا يكسر الساكن الأول ولا يأتي بهمزة الوصل ويدغم التنوين في لام التعريف فيقول : لم يذهب لحمر ـ بسكون الباء ـ «ولحمر ولعجم» من غير همز ، وزياد لّعجعم بتشديد اللام وعلى هذه اللغة جاءت هذه القراءة.
هذا من حيث الإجمال وأما من حيث التفصيل فأقول :
أما قالون فإنه نقل حركة الهمزة إلى لام التعريف وإن لم يكن من أصله النقل لأجل قصده التخفيف بالإدغام ولما نقل الحركة اعتدّ بها ؛ إذ لا يمكن الإدغام في ساكن ولا ما هو في حكمه.
__________________
ـ الهمزة ـ الهمزة الأولى ـ إلى لام التعريف. وردّ المازني على الخليل بأن الواو في مثله عارضة غير لازمة ؛ إذ تخفيف الهمزة في مثله غير واجب. وأصل أولى عند البصرة «وولى» ويجب قلب الأولى همزة لأن الثانية أصلية غير منقلبة عن شيء وسواء كانت الثانية تلك مدة أو غير مدة كالأوّل عندهم.
وانظر شرح الشافية للعلامة الرضي ٣ / ٧٦ و ٧٧.
(١) فهو مؤنث ثلاثي ساكن الوسط عربي الأصل.
(٢) وقد نسبه صاحب اللسان إلى جرير ، كما نسب إلى ابن قيس الرّقيّات ، وروى ابن جني في الخصائص «تغذ» بدل «تسق». والشاهد في (دعد) حيث صرفها أولا ومنعها ثانيا قال في الخصائص : كذا الرواية بصرف (دعد) الأولى ، ولو لم يصرفها لما كسر وزنا وأمن الضرورة أو ضعف إحدى اللغتين. وقد تقدم.