والعامة على فتح التاء والجيم من «تعجبون» و «تضحكون». والحسن بضم التاء وكسر الجيم والحاء من غير واو عاطفة بين الفعلين (١). وهي أبلغ من حيث إنهم إذا أضحكوا غيرهم كان تجرؤهم أكثر.
وقرأ أبيّ وعبد الله كالجماعة ، إلا أنهما بلا واو (٢) عاطفة كالحسن ، فيحتمل أن يكون يضحكون حالا ، وأن يكون استثناء كالتي قبلها.
فصل
قال المفسرون : المراد بالحديث القرآن. قال ابن الخطيب : ويحتمل أن يكون إشارة إلى حديث أزفت الآزفة ، فإنهم كانوا يتعجبون من حشر الأجساد ، والعظام البالية. وقوله : (وَتَضْحَكُونَ) أي استهزاء من هذا الحديث كقوله تعالى في حق موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ : (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) [الزخرف : ٤٧].
ويحتمل أن يكون إنكارا على مطلق الضحك مع سماع حديث القيامة أي أتضحكون وقد سمعتم أن القيامة قربت فكان حقا أن لا تضحكوا حينئذ (٣).
وقوله : (وَلا تَبْكُونَ) مما تسمعون من الوعيد ، روي أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما رؤي بعد هذه الآية ضاحكا إلا تبسما. وقال أبو هريرة : لما نزل قوله (أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ) الآية قال أهل الصفة : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ثم بكوا حتى جرت دموعهم على خدودهم ، فلما سمع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بكاءهم بكى معهم فبكينا لبكائه ، فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لا يلج النّار من بكى من خشية الله ، ولا يدخل الجنّة مصرّ على معصية الله ، ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، وأتى بقوم يذنبون فيغفر لهم ويرحمهم إنّه هو الغفور الرّحيم (٤).
قوله : (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) أي غافلون لاهون. وهذه الجملة يحتمل أن تكون مستأنفة ، أخبر الله عنهم بذلك ، ويحتمل أن تكون حالا أي انتفى عنكم البكاء في حال كونكم سامدين (٥). والسمود ، قيل : الإعراض والغفلة عن الشيء ، وقيل : اللهو ، يقال : دع عنّا سمودك أي لهوك. رواه الوالبيّ والعوفيّ عن ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٦) ـ وقال الشاعر :
__________________
(١) وهي شاذة ، وانظر البحر المحيط لأبي حيان ٨ / ١٧١ فتكون تعجبون تضحكون والمفعول محذوف.
(٢) المرجع السابق.
(٣) تفسير الإمام الرازي ١٥ / ٢٨.
(٤) ذكره الإمام القرطبي في الجامع ١٧ / ١٢٢ و ١٢٣.
(٥) في النسختين (سامدون) والتصحيح ما كتبت أعلى.
(٦) زيادة من أ.