سورة القمر
مكية في قول الجمهور. وقال مقاتل : مكية إلا ثلاث آيات : (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) إلى قوله : (وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) [القمر : ٤٤ ـ ٤٦]. والصحيح الأول ، وهي خمس وخمسون آية ، وثلاثمائة واثنتان وأربعون كلمة وألف وأربعمائة وثلاثة وعشرون حرفا(١).
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ)(٣)
قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) أول هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها ، وهو قوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) ، فكأنه أعاد ذلك مستدلا عليه بقوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) ، وهو حقّ ؛ إذ القمر انشق بقوله : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ماض على حقيقته ، وهو قول عامة المسلمين إلا من لا يلتفت إلى قوله. وقد صح في الأخبار أن القمر انشق على عهده ـ عليه الصلاة والسلام ـ مرتين. روى أنس بن مالك ـ (رضي الله عنه) ـ أن أهل مكة سألوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقّتين حتى رأوا حراء بينهما ، وقال سنان عن قتادة : فأراهم انشقاق القمر مرتين. وعن ابن مسعود ـ (رضي الله عنه) (٢) ـ قال : انشق القمر على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فرقتين فرقة فوق الجبل ، وفرقة دونه ، فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «اشهدوا». وقال أبو الضحى عن مسروق عن عبد الله : لم ينشق بمكة. وقال مقاتل : انشق القمر ، ثم التأم بعد ذلك.
وروى أبو الضحى عن مسروق عن عبد الله قال : انشق القمر على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقالت قريش : سحركم ابن أبي كبشة فقدموا السّفار فسألوهم قالوا : نعم قد رأينا ، فأنزل الله عزوجل : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)(٣). وقيل : انشق بمعنى سينشق يوم
__________________
(١) وانظر القرطبي ١٧ / ١٢٥.
(٢) ما بين الأقواس زيادة من (أ).
(٣) وانظر البغوي والخازن ٦ / ٢٧٣ والقرطبي ١٧ / ١٢٦.