تعالى : (عاداً الْأُولى) [النجم : ٥] لأنا نقول : أما قوله تعالى : (لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ) فليس ذلك صفة ، وإنما هو بدل ويجوز في البدل أن يكون دون المبدل (منه) (١) في المعرفة ، ويجوز أن يبدل من المعرفة بالنكرة. وأما عادا الأولى فهو لبيان تقدمهم أي (٢) عادا الذين تقدموا ، وليس ذلك للتمييز والتعريف كما تقول : محمّد النّبيّ شفيعي والله الكريم ربّي وربّ الكعبة المشرّفة ، لبيان الشرف ، لا لبيانها وتعريفها بالشرف كقولك : دخلت الدّار المعمورة من الدّارين ، وخدمت (٣) الرّجل الزّاهد من الرّجلين ؛ فتبين المقصود (٤) بالوصف.
فإن قيل : لم لم يقل : فكذبوا هودا كما قال فكذبوا عبدنا؟.
فالجواب : إما لأن تكذيب قوم نوح أبلغ لطول مقامه فيهم وكثرة عنادهم ، وإما لأن قصة عاد ذكرت مختصرة (٥).
قوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) الصّرصر الشّديدة الصّوت من صرصر الباب أو القلم إذا صوّت.
وقيل : الشديدة البرد من الصّرّ وهو البرد وهو كله أصول عند الجمهور.
وقال مكي : أصله «صرّرا» من صرّ الشيء إذا صوت ، لكن أبدلوا من الراء المشددة (٦) صادا ، وهذه أقوال الكوفيّين. ومثله : كبكب وكفكف. وتقدم هذا في فصّلت (٧) وغيرها.
وقال ابن الخطيب : الصرصر هو الدائمة الهبوب من أصرّ على الشّيء إذا دام وثبت.
فصل
(يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) شديد دائم الشّؤم استمر عليهم بنحوسه ، ولم يبق منهم أحدا إلا أهلكه. قيل : ذلك يوم الأربعاء في آخر الشهر.
فإن قيل : إذا كان يوم الأربعاء يوم نحس مستمر فكيف يستجاب فيه الدعاء؟! وقد جاء أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ استجيب له فيه فيما بين الظهر والعصر.
__________________
(١) زيادة للإيضاح.
(٢) في النسخة (أ) الأصل أن وفي (ب) والرازي «أي».
(٣) في الرازي : وخدمت. وفي النسختين : وجدت والتصحيح من الرازي.
(٤) كذا في الرازي وما في النسختين : المفعول.
(٥) وانظر كل هذا معنى في الرازي ١٥ / ٤٤ و ٤٥.
(٦) في مشكل الإعراب : «الثانية» بدل المشدّدة.
(٧) عند قوله : «فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً» من الآية ١٦. كما تقدم في الذاريات عند : «فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ» من الآية ٢٩ ، وسيجيء في الحاقة عند قوله : «فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ» من الآية ٦ وانظر اللسان (صرصر) ٢٤٢٩ ، وغريب القرآن ٤٣٢ ، ومجاز القرآن ٢ / ٢٤٠.