فصل
(الأشر) (١) التحيّر والنشاط ، يقال : فرس أشر إذا كان مرحا نشطا. قال امرؤ القيس يصف كلبا :
٤٦٠٢ ـ فيدركنا فغم داجن |
|
سميع بصير طلوب نكر |
ألصّ الضّروس حنيّ الضّلوع |
|
تبوع أريب نشيط أشر (٢) |
(و) قيل : إنه المتعدي إلى منزلة لا يستحقها. وقال ابن زيد وعبد الرحمن بن حماد : الأشر الذي لا يبالي ما قال.
وفي قراءة أبي قلابة بفتح الشين وتشديد الراء فالمعنى أشرّنا وأخبثنا.
فإن قيل : قولهم : بل هو كذاب يستدعي أمرا مضروبا عنه فما هو؟
فالجواب : قولهم : أألقي للإنكار فكأنهم قالوا : ما ألقي ، ثم إنّ قولهم : أألقي عليه الذكر لا يقتضي إلا أنه ليس بنبيّ ، وقول القائل : ليس بنبي لا يلزم منه أنه كاذب فكأنهم قالوا ليس بنبي ، ثم قالوا : بل هو ليس بصادق (٣).
قوله : «فسيعلمون» قرأ ابن عامر وحمزة بالخطاب. وفيه وجهان :
أحدهما : أنه حكاية قول صالح لقومه.
والثاني : أنه خطاب الله على جهة الالتفات. والباقون بياء الغيبة جريا على الغيب قبله في قوله : (فَقالُوا أَبَشَراً) ، واختارها مكّيّ ، قال : لأن عليها الأكثر (٤).
و «غدا» ليس المراد به الذي يلي يومك بل الزمان المستقبل ، كقول الطّرمّاح (رحمة الله عليه ورضاه) (٥) :
٤٦٠٣ ـ ألا علّلاني قبل نوح النّوائح |
|
وقبل اضطراب النّفس بين الجوانح |
وقبل غد يا لهف نفسي على غد |
|
إذا راح أصحابي ولست برائح (٦) |
__________________
(١) سقط من أ.
(٢) من المتقارب له. والفغم المولع بالصّيد الحريص عليه. والدّاجن : ألوف للصيد ونكر : منكر عالم وقيل : كريه الصورة ، والألصّ : الذي التصقت أسنانه بعضها إلى بعض ، والأريب الذكيّ. والتّبوع :التابع الأثر. والبيتان بعد واضحان. وشاهده : في أنّ الأشر معناه النشيط. وانظر الديوان ١٦٠ والقرطبي ١٧ / ١٣٨.
(٣) قال بهذا السؤال والإجابة عليه الرازي معنى من التفسير الكبير ١٥ / ٥٢.
(٤) وهذه قراءات سبعيّة متواترة. وانظر السبعة ٦١٨ ، والكشف لمكي ٢ / ٢٩٧ و ٢٩٨ ، وحجة ابن خالويه ٣٣٨ والإتحاف ٤٠٥.
(٥) زيادة من أكالعادة.
(٦) من الطويل هذان البيتان للطّرماح. والشاهد في «غد» مكررة فإن المراد من الأيام التالية وليس اليوم ـ