قال أبو حيان : والظّنّ بأبي عمرو أنه لم يدغم حتى حذف أحد الحرفين لاجتماع الأمثال ثم أدغم (١).
قال شهاب الدين : كلام ابن مجاهد إنما هو فيما قالوه أنه أدغم أما إذا حذف وأدغم فلا إشكال (٢).
و (سقر) علم لجهنّم أعاذنا الله منها ، مشتقة من سقرته الشّمس والنار أي لوّحته.
ويقال : صقر بالصاد ، وهي مبدلة من السين لأجل القاف. قال ذو الرمة :
٤٦١٢ ـ إذا ذابت الشّمس اتّقى صقراتها |
|
بأفنان مربوع الصّريمة معبل (٣) |
و «سقر» متحتّم المنع من الصرف ؛ لأن حركة الوسط تنزلت منزلة الحرف الرابع ، كعقرب وزينب.
قال القرطبي : و «سقر» اسم من أسماء جهنم مؤنث لا ينصرف ، لأنه اسم مؤنث معرفة وكذلك «لظى وجهنم». وقال عطاء : «سقر» الطابق السادس من النار. وقال قطرب : ويوم مسمقرّ ومصمقرّ : شديد الحر (٤).
ومسها ما يوجد من الألم عند الوقوع فيها.
فصل
العامل في (يَوْمَ يُسْحَبُونَ) يحتمل أن يكون منصوبا بعامل مفهوم غير مذكور. وهذا العالم يحتمل أن يكون سابقا وهو قوله : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ). والعامل في الحقيقة على هذا الوجه أيضا مفهوم من (في) كأنه فيه بمعنى كائن غير أن ذلك صار نسيا منسيّا. ويحتمل أن يكون متأخرا وهو قوله : «ذوقوا» تقديره : «ذوقوا مسّ سقر يوم يسحب المجرمون». والخطاب حينئذ مع من خوطب بقوله : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ). ويحتمل أن يكون منصوبا بالقول المقدر أي يقال لهم يوم يسحبون ذوقوا. وهو المشهور.
__________________
(١) البحر المحيط ٨ / ١٨٣ وفي مختصر ابن خالويه : مستقرّ. وأعتقد أنه لحن من الناسخ والمحقق معا ؛ فلم يفطنا إلى مقصود أبي عمرو. وانظر مختصر ابن خالويه ١٤٨.
(٢) نقله في الدر المصون له لوحة رقم ١٢٣.
(٣) من الطويل له وجاء به ليبين أنه من الإمكان أن نقول في سقر بالسين : (صقر) بالصاد كما يدل على ذلك «صقراتها» والصقر شدة وقع الشمس وحدّة حرّها. ومربوع أصابه مطر الرّبيع. ومعبل إذا طلع ورقه. فالوحش يتقي حر الشمس بأفنان الأرطاة التي طلع ورقها وذلك حين يكنس في حمراء القيظ ، وإنما يسقط ورقها إذ برد الزمان ولا يكنس الوحش حينئذ ولا في حر الشمس. وانظر اللسان «عبل» ٢٧٨٩ و «صقر» ٢٤٧٠ و «ذوب» ١٥٢٤ و «ربع» ١٥٦٩ وأمالي القالي ١ / ١٤٤ والمنصف ٣ / ٩٢.
(٤) الجامع لأحكام القرآن للعلامة القرطبي ١٧ / ١٤٧ وانظر اللسان «سقر وصقر».