وهي ثمان وسبعون آية ، وثلاثمائة وإحدى وخمسون كلمة ، وألف وستمائة وستة وثلاثون حرفا.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : (الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (٩) وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (١٠) فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ (١٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(١٣)
قال تعالى : (الرَّحْمنُ) فيه ثلاثة أوجه (١) :
أحدها : أنه خبر مبتدأ مضمر ، أي : «الله الرحمن».
الثاني : أنه مبتدأ وخبره مضمر ، أي : «الرحمن ربنا» وهذان الوجهان عند من يرى أن «الرحمن» آية مع هذا المضمر معه ، فإنهم عدّوا الرحمن «آية».
ولا يتصور ذلك إلا بانضمام خبر أو مخبر عنه إليه ؛ إذ الآية لا بد أن تكون مفيدة ، وسيأتي ذلك في قوله : (مُدْهامَّتانِ) [الآية : ٦٤].
الثالث : أنه ليس بآية ، وأنه مع ما بعده كلام واحد ، وهو مبتدأ ، خبره (عَلَّمَ الْقُرْآنَ).
فصل في بيان مناسبة السورة
افتتح السورة التي قبلها بذكر معجزة تدل على القهر [والغلبة](٢) والجبروت ، وهو انشقاق القمر ، فمن قدر عليه قدر على قطع الجبال وإهلاك الأمم ، وافتتح هذه السورة بذكر معجزة تدلّ على الرحمة ، وهي القرآن ، وأيضا فأولها مناسب لآخر ما قبلها ؛ لأن آخر تلك أنه (مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر : ٥٥] وأول هذه أنه رحمن.
قال بعضهم (٣) : إن «الرحمن» اسم علم ، واحتج بقوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠].
وأجاز أن يقال : «يالرحمن» باللام ، كما يقال : «يا الله» وهذا ضعيف ، وهو مختص بالله تعالى ، فلا يقال لغيره (٤).
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٢٣٥٦ ، والرازي ٢٩ / ٧٥.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٧٣.
(٤) أما قوله الله مع الألف واللام اسم علم ففيه بعض الضعف وذلك لأنه لو كان كذلك لكانت الهمزة فيه أصلية ، فلا يجوز أن تجعل وصلية ، وكان يجب أن يقال خلق الله كما يقال علم أحمد وفهم إسماعيل ، بل الحق فيه أحد القولين إما أن نقول إله أو لاه اسم لموجد الممكنات اسم علم ، ثم ـ