ب (لَدَيَّ) و (عَتِيدٌ) خبر (هذا)(١). وجوز الزمخشري في (عَتِيدٌ) أن يكون بدلا أو خبرا بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف (٢). والعامة على رفعه ، وعبد (٣) الله نصبه حالا (٤). والأجود حينئذ أن تكون (ما) موصولة ؛ لأنها معرفة والمعرفة يكثر مجيء الحال منها (٥). قال أبو البقاء : «ولو جاز ذلك في غير القرآن لجاز نصبه على الحال» (٦) كأنّه لم يطلع عليها قراءة.
قوله : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) اختلفوا هل المأمور واحد أو اثنان؟ فقيل : واحد. وإنما أتى بضمير الاثنين دلالة على تكرير الفعل كأنه قيل : ألق ألق (٧). وقيل : أراد ألقين بالنون الخفيفة ، فأبدلها ألفا إجراء للوصل مجرى الوقف (٨) ، ويؤيده قراءة الحسن (ـ رضي الله عنه (٩) ـ) ألقين بالنون (١٠). وقيل : العرب تخاطب الواحد مخاطبة الاثنين تأكيدا كقوله :
٤٥١٢ ـ فإن تزجراني يا ابن عفّان أزدجر |
|
وإن تدعاني أحم عرضا ممنّعا (١١) |
وقال آخر :
٤٥١٣ ـ فقلت لصاحبي : لا تحبسانا |
|
بنزع أصوله واجدزّ شيحا (١٢) |
__________________
(١) قال بهذا الإعراب كله أبو البقاء في التبيان ١١٧٥ وانظر مشكل إعراب القرآن لمكي ٢ / ٣٢٠.
(٢) قال : ... وإن جعلتها موصوله فهو بدل أو خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف الكشاف ٤ / ٧.
(٣) هو ابن مسعود.
(٤) شاذة قال بها في كتابه أبو حيان ٨ / ١٢٦ ، وابن خالويه في المختصر ١٤٤.
(٥) البحر المحيط المرجع السابق.
(٦) التبيان ١١٧٥.
(٧) وهو رأي العكبري في مرجعه السابق ومشكل إعراب القرآن ٢ / ٣٢١ وهو رأي المبرد ونقله عنه أبو حيان في البحر ٨ / ١٢٦.
(٨) المرجع السابق.
(٩) زيادة من (أ).
(١٠) فهو فعل أمر مبنيّ على الفتح لاتصاله بالنون الخفيفة. وانظر المختصر ١٤٤ والبحر السابق والكشاف ٨ / ٤.
(١١) نسبه الفراء في المعاني ٣ / ٧٨ لأبي ثروان. وهو من الطويل ورواه : وإن ، وانزجر ، وروي في أصول القرطبي : تدعواني بدل : تدعاني والرواية الأخيرة هي المشهورة ، وإن كانت الأولى لا تخلّ بوزن البيت. والشاهد في تزجراني وتدعاني فعلان بهما ألف التثنية رغم أن الخطاب للواحد وهو ابن عفان. وقال عن هذا الخليل والأخفش : هذا كلام العرب الفصيح أن تخاطب الواحد بلفظ الاثنين. وقد تقدم.
(١٢) من الوافر ونسب إلى يزيد بن الطّثرية. والصحيح أنه لمضرس بن ربعيّ الأسديّ وروي : لا تحبسنّا بنون التوكيد الشديدة ، ولا تحبسني ولنزع واحذر ، وأراد بالصاحب من يحتطب له بدليل رواية : وقلت لحاطبي ، والجزّ القطع وأصله في الصوف. والشّيح نبات كثير الأنواع طيب الرائحة يقوي طبخ اللحم سريعا. وانظر البيت في معاني الفراء ٣ / ٧٨ وشرح ابن يعيش للمفصل ١٠ / ٤٩ ، وشرح شواهد الشافية ٤٨١ وتأويل مشكل القرآن ٢٢٤ والأشموني ٤ / ٣٣٢ واللسان جزر ومجمع البيان ٩ / ٢١٨ والصّاحبيّ ١٤٠ والصّحاح «جزر». وشاهده كسابقه في مخاطبة ومعاملة المفرد معاملة المثنى في الخطاب. وهذا فصيح.