٤٦٣٠ ـ خليليّ مرّا بي ..... |
|
.......... (١) |
وقيل : التثنية للتأكيد.
وقيل : التكذيب يكون بالقلب ، أو باللسان ، أو بهما ، فالمراد هما.
فصل في آلاء الله تعالى (٢)
قال ابن زيد : المراد بالآلاء : القدرة (٣) ، والمعنى : فبأي قدرة ربكما تكذبان ، وهو قول الكلبي.
واختار محمد بن علي الترمذي ، وقال : هذه السورة من بين السور علم القرآن ، والعلم : إمام الجند ، والجند تتبعه ، وإنما صارت علما ؛ لأنها سورة صفة الملك والقدرة ، فقال : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ) فافتتح السورة باسم الرحمن من بين الأسماء ليعلم العباد أن جميع ما يصفه بعد هذا من أفعاله ومن ملكه وقدرته خرج إليهم من الرحمة ، فقال : علم الرحمن القرآن.
ثم ذكر الإنسان فقال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ) ثم ذكر ما صنع به ، وما من عليه به ، ثم ذكر حسبان الشمس والقمر ، وسجود الأشياء من نجم وشجر ، وذكر رفع السماء ، ووضع الميزان وهو العدل ، ووضع الأرض للأنام ، فخاطب هذين الثقلين : الإنس والجن ، حين رأوا ما خرج من القدرة والملك برحمانيته التي رحمهم بها من غير منفعة ، ولا حاجة إلى ذلك ، فأشركوا به الأوثان ، وكل معبود اتخذوه من دونه ، وجحدوا الرحمة التي خرجت هذه الأشياء بها إليهم.
فقال سائلا لهم : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي : بأي قدرة ربكما تكذبان ، وإنما كان تكذيبهم أنهم جعلوا له في هذه الأشياء التي خرجت من قدرته وملكه شريكا يملك معه ، ويقدر معه ، فذلك تكذيبهم ، ثم ذكر خلق الإنسان من صلصال ، وذكر خلق الجانّ من مارج من نار ، ثم سألهم فقال : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي : بأي قدرة ربكما تكذبان ، فإن له في كل خلق قدرة بعد قدرة ، فالتكرير في هذه الآيات للتأكيد ، والمبالغة في التقرير ، واتخاذ الحجة عليهم بما وقفهم على خلق بعد خلق.
__________________
(١) البيت بتمامه :
خليلي مرّا بي على أم جندب |
|
نقضّ لبانات الفؤاد المعذب |
ينظر ديوانه ص ٤١ ، وشواهد التصريح ١ / ٢٠٢ ، ومعاهد التنصيص للعباسي ١ / ١٧٦ ، والقرطبي ١٧ / ١٠٤.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٠٤.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٨٢) عن ابن زيد.