إليها مجاز (١) ، كما يقال : أنشأت السّحابة المطر.
والباقون : بالفتح ، وهو اسم مفعول ، أي أنشأها الله ، أو الناس ، أو رفعوا شراعها (٢).
وقرأ ابن أبي عبلة (٣) : «المنشّآت» بتشديد الشين مبالغة.
والحسن : «المنشّأة» بالإفراد وإبدال الهمزة ألفا وتاء محذوفة خطا ، فأفرد الصفة ثقة بإفهام الموصوف الجمعية ، كقوله : (وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) [آل عمران : ١٥].
وأما إبداله الهمزة ألفا وإن كان قياسها بين بين ، فمبالغة في التخفيف.
كقوله : [البسيط]
٤٦٣٧ ـ إنّ السّباع لتهدا في مرابضها |
|
.......... (٤) |
أي : «لتهدأ» وأما كتابتها بإلقاء المحذوفة ، فاتباعا للفظها في الوصل.
و «في البحر» متعلق ب «المنشآت» أو «المنشأة» ، ورسمه بالتاء بعد الشين في مصاحف «العراق» يقوي قراءة الكسر ، ورسمه بدونها يقوي قراءة الفتح ، وحذفوا الألف كما تحذف في سائر جمع المؤنث السالم.
و «كالأعلام» حال ، إما من الضمير المستكنّ في «المنشآت» ، وإما من «الجواري» وكلاهما بمعنى واحد (٥).
فصل في المراد بالجواري (٦)
«الجواري» جمع جارية. وهي اسم أو صفة للسفينة ، وخصها بالذكر ؛ لأن جريها في البحر لا صنع للبشر فيه ، وهم معترفون بذلك ، فيقولون : «لك الفلك ، ولك الملك».
وإذا خافوا الغرق دعوا الله خاصة ، وسميت السفينة جارية ؛ لأن شأنها ذلك وإن كانت واقفة في السّاحل كما سماها في موضع آخر ب «الجارية» ، فقال تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) [الحاقة : ١١].
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٩١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٦) وزاد نسبته إلى الفرياني وعبد بن حميد.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ١٩١ ، والدر المصون ٦ / ٢٤١.
(٣) ينظر : السابق.
(٤) صدر بيت لإبراهيم بن هرمة وعجزه :
.......... |
|
والناس ليس بهاد شرهم أبدا |
ينظر الخصائص ٣ / ١٥٢ ، والضرائر لابن عصفور ٢٢٩ ، واللسان هدأ. وديوان ابن هرمة ص ٩٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٤١.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤١.
(٦) ينظر : تفسير الرازي ٢٩ / ٩١.