قوله تعالى : (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ).
العامة على «ذو» بالواو صفة للوجه ، وأبي (١) ، وعبد الله : «ذي» بالياء صفة ل «ربّك». وسيأتي خلاف القراء في آخر السورة إن شاء الله تعالى.
و «الجلال» : العظمة والكبرياء.
و «الإكرام» : يكرم أنبياء وأولياءه بلطفه مع جلاله وعظمته.
قوله تعالى : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيه وجهان (٢) :
أحدهما : أنه مستأنف.
والثاني : أنه حال من «وجه» ، والعامل فيه «يبقى» أي يبقى مسئولا من أهل السموات والأرض.
وفيه إشكال ؛ لأنه لما قال : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) كان إشارة إلى بقائه بعد فناء من على الأرض ، فكيف يكون في ذلك الوقت مسئولا لمن في الأرض؟.
قال ابن الخطيب (٣) : والجواب من وجوه.
الأول : أنهم يفنون بالنظر إليه ، لكنهم يبقون بإبقاء الله ، فيصح أن يكون الله مسئولا.
الثاني : أن يكون مسئولا معنى لا حقيقة ؛ لأنهم إذا فنوا فهم يسألونه بلسان الحال.
الثالث : أن قوله : «ويبقى» للاستمرار فهو يبقى ويعيد من كان في الأرض ، ويكون مسئولا.
الرابع : أنّ السّائلين هم الملائكة الذين هم في الأرض فإنهم فيها ، وليسوا عليها ، ولا يضرّهم زلزلتها ، فعندما يفنى من عليها يبقى الله تعالى ، ولا يفنى في تلك الحال الملائكة ، فيسألونه ماذا نفعل؟ فيأمرهم بما يريد.
فصل في تحرير السؤال المقصود
وهذا السّؤال إما استعطاف ، وإما استعطاء ، فيسأله كل أحد ما يحتاج إليه (٤).
قال ابن عباس وأبو صالح : أهل السموات يسألونه المغفرة ، ولا يسألونه الرزق (٥) ، وأهل الأرض يسألونهما جميعا.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٢٩ ، والبحر المحيط ٨ / ١٩١ ، والدر المصون ٦ / ٢٤٢
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤٢.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٩٥.
(٤) ينظر : السابق ٢٩ / ٩٦.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٩٢) عن ابن عباس.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٦) عن أبي صالح وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.