قال ابن جريج : تسأله الملائكة الرزق لأهل الأرض ، فكانت المسألتان جميعا من أهل السماء ، وأهل الأرض لأهل الأرض (١).
قال القرطبي (٢) : «وفي الحديث : إنّ من الملائكة ملكا له أربعة أوجه ، وجه كوجه الإنسان وهو يسأل الله الرّزق لبني آدم ، ووجه كوجه الأسد وهو يسأل الله الرّزق للسّباع ، ووجه كوجه الثّور وهو يسأل الله الرّزق للبهائم ، ووجه كوجه النّسر وهو يسأل الله الرّزق للطّير» (٣).
وقال ابن عطاء : إنهم يسألونه القوة على العباد.
قوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ) منصوب بالاستقرار الذي تضمنه الخبر ، وهو قوله : (فِي شَأْنٍ).
والشأن : الأمر.
فصل في تفسير هذه الآية
روى أبو الدرداء عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) قال : «من شأنه أن يغفر ذنبا ، ويفرّج كربة ، ويرفع أقواما ، ويضع آخرين» (٤)
وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قول الله عزوجل : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) قال : يغفر ذنبا ، ويكشف كربا ويجيب داعيا (٥).
وقيل : من شأنه أنه يحيي ويميت ، ويعزّ ويذلّ ، ويرزق ويمنع.
وقال ابن بحر : الدّهر كله يومان :
أحدهما : مدة أيام الدنيا.
والآخر : يوم القيامة ، فشأنه ـ سبحانه وتعالى ـ في أيام الدنيا الابتلاء والاختبار بالأمر والنهي والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع ، وشأنه يوم القيامة : الجزاء والحساب والثواب والعقاب.
والظّاهر أن المراد بذلك الإخبار عن شأنه في كل يوم من أيام الدنيا.
__________________
(١) ذكره السيوطي «الدر المنثور» (٦ / ١٩٦) وعزاه إلى ابن المنذر.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٠٩.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٠٩).
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٩٢) وابن حيان (١٧٦٣ ـ موارد) وابن ماجه (٢٠٢) والبزار (٣ / ٧٣) رقم (٢٢٦٧) من حديث أبي الدرداء وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٧) وزاد نسبته إلى الحسن بن سفيان في «مسنده» والطبراني وأبي الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في «شعب الإيمان وابن عساكر.
وعلقه البخاري (٨ / ٤٩٠) عنه موقوفا في «صحيحه».
(٥) أخرجه البزار (٣ / ٧٤) رقم (٢٢٦٨ ـ كشف) من حديث ابن عمر.