والثاني : أنه سمع فيه «فرغ» ـ بكسر العين ـ فيكون هذا مضارعه ، وهذه لغة «تميم» وقرأ عيسى (١) بن عمر وأبو السمال : «سنفرغ» ـ بكسر حرف المضارعة وفتح الراء. وتوجيهها واضح مما تقدم في «الفاتحة».
قال أبو حاتم : هذه لغة سفلى «مضر».
والأعمش وأبو حيوة وإبراهيم : «سيفرغ» ـ بضم الياء ـ من تحت مبنيّا للمفعول.
وعيسى ـ أيضا ـ بفتح نون العظمة ، وكسر الراء.
والأعرج ـ أيضا ـ بفتح الياء ، ويروى عن أبي عمرو.
فصل في الكلام على فرغ
قال القرطبي (٢) : «يقال : فرغت من الشغل أفرغ فروغا وفراغا ، وتفرّغت لكذا ، واستفرغت مجهودي في كذا ، أي : بذلته ، وليس لله ـ تعالى ـ شغل يفرغ منه ، وإنما المعنى : سنقصد لمجازاتكم أو محاسبتكم ، فهو وعيد لهم وتهديد قاله ابن عباس والضحاك (٣) ، كقول القائل لمن يريد تهديده : إذن أتفرغ لك ، أي : أقصد قصدك».
وأنشد ابن الأنباري لجرير : [الوافر]
٤٦٤٠ ـ ألان وقد فرغت إلى نمير |
|
فهذا حين كنت لهم عذابا (٤) |
وأنشد الزجاج والنحاس : [الطويل]
٤٦٤١ ـ فرغت إلى العبد المقيّد في الحجل (٥)
ويدل (٦) عليه قراءة أبيّ رضي الله عنه : «سنفرغ إليكم» أي سنقصد إليكم.
__________________
(١) الذي نقله ابن عطية (٥ / ٢٣٠) عن عيسى بن عمر أنه قرأ بفتح النون وكسر الراء ، والثابت هنا هو ما ذكره أبو حيان ٨ / ١٩٢ ، والسمين الحلبي ٦ / ٢٤٢ ، فيكون هناك روايتان عن عيسى أثبتهما أبو حيان والسمين الحلبي ، في حين أهمل بن عطية إحداهما ، وهي التي معنا.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١١٠.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥٩٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٨) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في «الأسماء والصفات».
(٤) تقدم.
(٥) عجز بيت لجرير بن عطية وصدره :
ولما اتقى القين العراقي باسته |
|
.......... |
ورواية الديوان : إلى العين مكان إلى العبد.
ينظر : شرح ديوان جرير ص ٥٥ ، والكامل للمبرد ١ / ٢٤ ، والاقتضاب ص ٣٠١ ، واللسان (فرغ) ، والقرطبي ١٧ / ١١٠ ، والدر المصون ٦ / ٢٤٢.
(٦) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٤٨ ، والدر المصون ٦ / ٢٤٢ ، والقرطبي ١٧ / ١١٠.