كنت أصلي خلف أصحاب عليّ فأسمعهم يقولون : «لم أطمثهنّ» بالرفع ، وكنت أصلي خلف أصحاب عبد الله فأسمعهم يقولون : بكسر الميم ، وكان الكسائي يضم إحداهما ، ويكسر الأخرى لئلّا يخرج عن هذين الأثرين (١).
وأصل «الطّمث» : الجماع المؤدّي إلى خروج دم البكر ، ثم أطلق على كل جماع طمث ، وإن لم يكن معه دم.
وقيل : «الطّمث» : دم الحيض ودم الجماع ، فيكون أصله من الدم.
ومنه قيل للحائض : طامث ، كأنه قيل : لم يدمهن بالجماع إنس قبلهم ولا جانّ.
وقيل الطمث : المسّ الخالص (٢).
وقال الجحدري ، وطلحة بن مصرف (٣) : «يطمثهن» بفتح الميم في الحرفين ، وهو شاذ، إذ ليست عينه ولا لامه حرف حلق.
والضمير في «قبلهم» عائد على الأزواج الدال عليهم قوله : (قاصِراتُ الطَّرْفِ) ، أو الدّال عليه «متكئين» (٤).
فصل في تحرير معنى الطمث
قال القرطبي (٥) : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ) أي : لم يصبهن بالجماع قبل أزواجهن أحد.
قال الفراء : والطّمث : الافتضاض والنكاح بالتدمية ، طمثها يطمثها طمثا إذا افتضها.
ومنه قيل : امرأة طامث أي : حائض.
وغير الفراء يخالفه في هذا ويقول : طمثها بمعنى وطىء على أيّ الوجوه كان ، إلا أن الفراء أعرف وأشهر.
قال الفرزدق : [الوافر]
٤٦٥٩ ـ وقعن إليّ لم يطمثن قبلي |
|
وهنّ أصحّ من بيض النّعام (٦) |
وقال أبو عمرو : الطّمث والمس ، وذلك في كل شيء يمسّ ، ويقال للمرتع : ما طمث ذلك المرتع قبله أحد ، وما طمث هذه النّاقة حبل ، أي ما مسها عقال وقال المبرد : لم يذللهن إنس ولا جان ، والطمث : التذليل.
__________________
(١) ينظر : السبعة ٦٢١ ، والحجة ٦ / ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٣٩ ، وحجة القراءات ٦٩٤ ، والعنوان ١٨٤ ، وشرح شعلة ٥٩٤ ، وشرح الطيبة ٦ / ٣٤ ، وإتحاف ٢ / ٥١٢.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤٨.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٨ / ١٩٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٤٨.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤٨.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١١٨.
(٦) ينظر اللسان (طمث) ، والتابع ١ / ٦٣٢ (طمث) ، ومجمع البيان ٩ / ٣١٣ ، والقرطبي ١٧ / ١٨٢.