أي حاله لم يؤثر بها ، وجه التشبيه كما قال الحسن في صفاء الياقوت ، وبياض المرجان ، وهذا على القول بأنه أبيض.
وقيل : الوجه في الصفة بهما لنفاستهما لا للونهما ، ولذلك سموا بمرجانة ودرّة وشبه ذلك.
قوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ).
قرأ ابن أبي (١) إسحاق : «إلا الحسان» أي : الحور الحسان.
قال القرطبي (٢) : هل في الكلام على أربعة أوجه : تكون بمعنى «قد» ، كقوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) [الإنسان : ١] ، (وَهَلْ أَتاكَ) [طه : ٩] ، وبمعنى الاستفهام كقوله : (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) [الأعراف : ٤٤].
وبمعنى الأمر كقوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١].
وبمعنى «ما» في الجحد كقوله تعالى : (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) [النحل: ٣٥] ، و (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ).
قال ابن الخطيب (٣) : في هذه الآية وجوه كثيرة حتى قيل : إنّ في القرآن ثلاث آيات في كل واحدة منها مائة قول :
أحدها : قوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [البقرة : ١٥٢].
ثانيها : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) [الإسراء : ٨].
ثالثها : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) والمشهور منها أقوال :
أحدها : قال عكرمة : أي : هل جزاء من قال : لا إله إلّا الله ، وعمل بها جاء به محمدصلىاللهعليهوسلم إلا الجنة (٤).
وقيل : هل جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة. قاله ابن زيد.
وروى أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم قرأ (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) ثم قال : هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قال : هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة.
وروى ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية ، فقال : «يقول الله تعالى : هل جزاء من أنعمت عليه بمعرفتي وتوحيدي إلّا أن أسكنه جنّتي وحظيرة قدسي برحمتي» (٥).
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ١٩٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٤٨.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١١٩.
(٣) ينظر : التفسير الكبير ٢٩ / ١١٥.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٠٧) عن عكرمة وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٥) أخرجه البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٧٦) من طريق الثعلبي. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٧) وزاد نسبته إلى الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» والديلمي في «مسند الفردوس» وابن النجار في «تاريخه». وله شاهد من حديث ابن عباس ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٧) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.