ويروى في حديث المعراج أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما بلغ سدرة المنتهى ، جاء الرفرف فتناوله من جبريل ، وطار به إلى سند العرش ، فذكر أنه طار بي يخفضني ويرفعني حتى وقف بي على ربّي ، ثم لما كان الانصراف تناوله ، فطار به خفضا ورفعا يهوي به حتى آواه إلى جبريل ـ عليهالسلام (١) ـ.
ف «الرفرف» : خادم من الخدم بين يدي الله ـ تعالى ـ له خواصّ الأمور في محل الدنو والقرب كما أن البراق دابة تركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضه ، فهذا الرفرف الذي سخره لأهل الجنتين الدّانيتين هو متّكأهما وفرشهما ، يرفرف بالولي على حافات تلك الأنهار وشطوطها حيث شاء إلى خيام أزواجه (٢).
فصل في الكلام على قوله : خضر
قوله تعالى : «خضر». نعت هنا ب «خضر» ؛ لأن اسم الجنس ينعت بالجمع كقوله: (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) [ق : ١٠] وحسن جمعه هنا جمع «حسان»(٣).
وقرأ العامة : (رَفْرَفٍ) وقرأ عثمان (٤) بن عفان ونصر بن عاصم والجحدري والفرقبي (٥) وغيرهم : «رفارف خضر» بالجمع وسكون الضاد.
وعنهم أيضا «خضر» بضم الضاد ، وهي إتباع للخاء.
وقيل : هي لغة في جمع «أفعل» الصفة.
قال القرطبي (٦) : وروى أبو بكر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ : «متّكئين على رفارف خضر وعباقر حسان». ذكره الثعلبي ، وضم الضاد من «خضر» قليل.
وأنشد ل «طرفة» : [الرمل]
٤٦٦٥ ـ أيّها الفتيان في مجلسنا |
|
جرّدوا منها ورادا وشقر (٧) |
وقال آخر : [البسيط]
٤٦٦٦ ـ وما انتميت إلى خور ولا كشف |
|
ولا لئام غداة الرّوع أوزاع (٨) |
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٢٤.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٥٠.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٣٦ ، والبحر المحيط ٨ / ١٩٧ ، ١٩٨ ، والدر المصون ٦ / ٢٥٠.
(٥) في أ : العوفي.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٢٥.
(٧) ينظر ديوانه (٤٤) ، شرح المفصل ٥ / ٦٠ ، والمحتسب ١ / ١٦٢ ، والخزانة ٩ / ٣٧٩ ، والخصائص ٢ / ٣٣٥ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٨١ ، واللسان (غلف) ، والضرائر لابن عصفور ١٩ ، ومجمع البيان ٣ / ٣١٧ ، والبحر ٨ / ١٩٨ ، وروح المعاني ٢٧ / ١٢٥.
(٨) البيت لضرار بن خطاب. ـ