والجواب : أنه كثر وقوع النكرة خبرا عن هذه الأشياء كثرة متزايدة ، فاطّرد الباب ، ليجري على سنن واحدة ، هكذا أجابوا.
وهذا لا ينهض مانعا من جواز أن يكون «ما» و «كم» و «أفعل» خبرا مقدما ولو قيل به لم يكن خطأ ، بل أقرب إلى الصّواب (١).
و «الميمنة» «مفعلة» من لفظ اليمين ، وكذلك «المشأمة» من اليد الشؤمى وهي الشمال لتشاؤم العرب بها ، أو من الشّؤم (٢).
فصل في تحرير معنى الآية (٣)
قال السدي : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة ، و (أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) هم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النّار (٤).
و «المشأمة» : الميسرة ، وكذلك الشّأمة ، يقال : قعد فلان شأمة.
ويقال : شائم بأصحابك أي : خذ بهم شأمة أي : ذات الشمال والعرب تقول لليد الشمال : الشؤمى ، وللجانب الشمال : الأشأم.
وكذلك يقال لما جاء عن اليمين : اليمن ، ولما جاء عن الشمال : الشّؤم.
قال البغوي (٥) : «ومنه سمي «الشّام واليمن» ؛ لأن «اليمن» عن يمين الكعبة ، و «الشام» عن شمالها».
قال ابن عباس والسدي : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) هم الذين كانوا عن يمين آدم حين أخرجت الذّرية من صلبه ، فقال الله لهم : هؤلاء في الجنة ولا أبالي» (٦).
وقال زيد بن أسلم : هم الذين أخذوا من شق آدم الأيمن يومئذ ، وأصحاب المشأمة الذين أخذوا من شق آدم الأيسر (٧).
وقال عطاء ومحمد بن كعب : «أصحاب الميمنة من أوتي كتابه بيمينه ، وأصحاب المشأمة من أوتي كتابه بشماله» (٨).
وقال ابن جريج : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) هم أصحاب الحسنات ، وأصحاب المشأمة ؛ هم أهل السيئات.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٥٣ ، ٢٥٤.
(٢) السابق.
(٣) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٢٩.
(٤) ينظر القرطبي ١٧ / ١٢٩.
(٥) ينظر : معالم التنزيل ٤ / ٢٨٠.
(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٧٩).
(٧) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٢٩) عن زيد بن أسلم.
(٨) ينظر المصدر السابق.