وهذه القراءة تحتمل وجهين (١) :
أحدهما : أن يكون نصبا كقراءة عبد الله وأبيّ.
وأن يكون جرّا كقراءة الأخوين ؛ لأن هذين الاسمين لا يتصرّفان ، فهما محتملان للوجهين.
وتقدم الكلام في اشتقاق العين.
«كأمثال» : صفة ، أو حال.
و «جزاء» : مفعول من أجله ، أو مصدر ، أي : يحزون جزاء.
فصل في تفسير الآة
قال المفسرون : «حور» بيض ، «عين» ضخام الأعين ، (كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) أي المخزون في الصدف لم تمسّه الأيدي ، ولم يقع عليه الغبار ، فهو أشدّ ما يكون صفاء.
وقوله : (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
قالت المعتزلة : هذا يدلّ على أن يقال : الثواب واجب على الله ـ تعالى ـ لأن الجزاء لا يجوز الإخلال به.
وأجيبوا بأنه لو صح ما ذكروا لما كان في الوعد بهذه الأشياء فائدة ؛ لأن العقل إذا حكم بأن ترك الجزاء قبيح ، وعلم بالعقل أن القبيح من الله تعالى لا يوجد ، علم أن الله تعالى يعطي هذه الأشياء ، لأنها أجزية ، وإيصال الثّواب واجب ، وأيضا فكان لا يصح التمدّح به.
قوله : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً).
قال ابن عبّاس : باطلا وكذبا (٢).
و «اللّغو» : ما يلغى من الكلام.
و «التأثيم» : مصدر أثمته ، أي : قلت له : أثمت.
قال محمد بن كعب : (وَلا تَأْثِيماً) ، أي : لا يؤثم بعضهم بعضا (٣).
وقال مجاهد : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً) : شتما ولا مأثما (٤).
قوله : (إِلَّا قِيلاً) ، فيه قولان :
__________________
(١) الدر المصون ٦ / ٢٥٨.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢١) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٣٤).
(٤) ينظر المصدر السابق.