أحدهما : أنه استثناء منقطع ، وهذا واضح ؛ لأنه لم يندرج تحت اللغو والتأثيم.
والثاني : أنه متصل.
وفيه بعد ، وكأن هذا رأى أن الأصل : لا يسمعون فيها كلاما ، فاندرج عنده فيه.
وقال مكّي (١) : وقيل : منصوب ب «يسمعون». وكأنه أراد هذا القول.
قوله : (سَلاماً سَلاماً). فيه أوجه :
أحدها : أنه بدل من «قيلا» أي : لا يسمعون فيها إلا سلاما سلاما.
الثاني : أنه نعت ل «قيلا».
الثالث : أنه منصوب بنفس «قيلا» ، أي : إلّا أن يقولوا : سلاما سلاما ، وهو قول الزّجّاج (٢).
الرابع : أن يكون منصوبا بفعل مقدّر ، ذلك الفعل محكيّ ب «قيلا» تقديره : إلا قيلا سلموا سلاما.
وقرىء (٣) : «سلام» بالرفع.
قال الزمخشري (٤) : «على الحكاية».
قال مكي (٥) : «ويجوز أن يكون في الكلام الرفع على معنى «سلام عليكم» ابتداء وخبر» وكأنه لم يعرفها قراءة (٦).
فصل في معنى الآية
معنى (قِيلاً سَلاماً) أي : قولا سلاما.
وقال عطاء : يحيّي بعضهم بعضا بالسّلام.
قال القرطبي (٧) : «والسّلام الثاني بدل من الأول ، والمعنى : إلا قيلا يسلم فيه من اللغو ، وقيل : تحييهم الملائكة ، أو يحييهم ربهم عزوجل».
وكرّر السّلام إشارة إلى كثرة السلام عليهم ، ولهذا لم يكرر قوله : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس : ٥٨].
و «القيل» مصدر كالقول.
__________________
(١) ينظر : المشكل ٢ / ٧١٢.
(٢) ينظر معاني القرآن للزجاج ٥ / ١١٢.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٦٠ ، والدر المصون ٦ / ٢٥٩.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٦٠.
(٥) ينظر : المشكل ٢ / ٧١٢.
(٦) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٥٩.
(٧) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٣٤.