قال ابن الخطيب (١) : فيكون «قيلا» مصدرا ، لكن لا نظير له في «باب» فعل يفعل من الأجوف.
وقيل : إنه اسم ، والقول مصدر.
قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ)(٤٠)
قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ).
رجع إلى ذكر أصحاب الميمنة ، والتكرير لتعظيم شأن النّعيم (٢).
فإن قيل (٣) : ما الحكمة في ذكرهم بلفظ (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) عند تقسيم الأزواج الثلاثة؟ فلفظ أصحاب الميمنة» «مفعلة» إمّا بمعنى موضع اليمين [كالحكمة موضع الحكم ، أي : الأرض التي فيها «اليمن» ، وإمّا بمعنى موضع اليمين](٤) كالمنارة موضع النار ، والمجمرة موضع الجمرة ، وكيفما كان ، فالميمنة فيها دلالة على الموضع ، لكن الأزواج الثلاثة في أول الأمر يتميزون بعضهم عن بعض ويتفرّقون ، لقوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) [الروم : ١٤] ، وقال: (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) [الروم : ٤٣] فيتفرقون بالمكان ، فأشار إليهم في الأول بلفظ يدلّ على المكان ، ثم عند الثواب وقع تفرقهم بأمر منهم لا بأمر هم فيه وهو المكان ، فقال : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ) أي الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم.
وقيل : أصحاب القوة.
وقيل : أصحاب النور.
قوله : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ).
قال ابن عبّاس وغيره : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) أي : في نبق قد خضد شوكه (٥).
وذكر ابن المبارك قال : أخبرنا صفوان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة ، قال : كان أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم يقولون : إنه لينفعنا الأعراب ومسائلهم ، قال : أقبل أعرابي يوما ، فقال : يا رسول الله : لقد ذكر الله شجرة في القرآن مؤذية ، وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها؟.
__________________
(١) التفسير الكبير ١٧ / ١٤٠.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٣٤.
(٣) الفخر الرازي ٢٩ / ١٤٢.
(٤) سقط من ب.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٣٤).