والباقون : بتشديدها.
وهما لغتان بمعنى واحد في التقدير الذي هو القضاء ، وهذا أيضا احتجاج ، أي : الذي يقدر على الإماتة يقدر على الخلق وإذا قدر على الخلق قدر على البعث (١).
قال الضحاك : معناه أي : سوّينا بين أهل السماء وأهل الأرض.
وقيل : قضينا.
وقيل : كتبنا.
قال مقاتل : فمنكم من يبلغ الهرم ، ومنكم من يموت صبيّا وشابّا (٢).
(وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) أي : مغلوبين عاجزين.
قوله : (عَلى أَنْ نُبَدِّلَ).
يجوز أن يتعلق (بِمَسْبُوقِينَ) ، وهو الظّاهر ، أي : لم يسبقنا أحد على تبديلنا أمثالكم ، أي : يعجزنا ، يقال : سبقه إلى كذا ، أي : أعجزه عنه ، وغلبه عليه.
الثاني : أنه متعلق بقوله : «قدّرنا» أي : قدرنا بينكم الموت ، «على أن نبدّل» أي : تموت طائفة ، وتخلفها طائفة أخرى. قال معناه الطبري (٣).
وعلى هذا يكون قوله : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) معترضا ، وهو اعتراض حسن.
ويجوز في «أمثالكم» وجهان (٤) :
أحدهما : أنه جمع «مثل» ـ بكسر الميم وسكون الثاء ـ أي : نحن قادرون على أن نعدمكم ، ونخلق قوما آخرين أمثالكم ، ويؤيده : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) [النساء : ١٣٣].
والثاني : أنه جمع «مثل» ـ بفتحتين ـ وهو الصفة ، أي : نغير صفاتكم التي أنتم عليها خلقا وخلقا ، و «ننشئكم» في صفات غيرها.
وتقدم قراءتا النّشأة في «العنكبوت» (٥).
فصل في تفسير معنى الآية
قال الطبري (٦) : معنى الآية : نحن قدّرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم ، (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) في آجالكم ، أي : لا يتقدم متأخر ، ولا يتأخر متقدم ، (وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) من الصّور والهيئات.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٤٠.
(٢) ينظر البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٨٧).
(٣) جامع البيان ١١ / ٦٥١.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٦٣.
(٥) سورة العنكبوت آية (٢٠).
(٦) ينظر : جامع البيان ١١ / ٦٥١ ، والقرطبي ١٧ / ١٤٠.