ألا ترى أنك إنما تسقي ضيفك بعد ما تطعمه ، ولو عكست قعدت تحت قول أبي العلاء: [الوافر]
٤٧٠٢ ـ إذا سقيت ضيوف النّاس محضا |
|
سقوا أضيافهم شبما زلالا (١) |
وسقي بعض العرب فقال : أنا لا أشرب إلا على ثميلة ، ولهذا قدمت آية المطعوم على آية المشروب». انتهى.
وقد تقدم جواب ابن الخطيب له عن ذلك.
فصل في تفسير الآية (٢)
قال ابن عبّاس : «الأجاج» : المالح الشديد الملوحة.
وقال الحسن : مرّا لا تنتفعون به في شرب ولا زرع ولا غيرهما (٣).
«فلو لا» أي : فهلا «تشكرون» الذي صنع ذلك بكم.
قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٧٤)
قوله : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ).
أي : أخبروني عن النّار التي تظهرونها بالقدح من الشجر الرطب (٤).
و «تورون» : من أوريت الزند ، أي : قدحته فاستخرجت ناره ، وورى الزند يري أي : خرجت ناره ، وأصل «تورون» توريون.
والشّجرة التي يكون منها الزناد هي المرخ والعفار.
ومنه قولهم : «في كلّ شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار».
أي : استكثروا منها ، كأنهما أخذا من النّار ما حسبهما.
وقيل : إنهما يسرعان الوري.
قوله تعالى : (أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ).
أي : المخترعون الخالقون ، أي : فإذا عرفتم قدرتي ، فاشكروني ولا تنكروا قدرتي على البعث (٥).
قوله : (نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً).
__________________
(١) ينظر الكشاف ٤ / ٥٧ وشرح شواهده ٥٠٤ ، والقرطبي ١٧ / ١٤٣ والدر المصون ٦ / ٢٦٥.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٤٣.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٨٨) عن الحسن.
(٤) ينظر القرطبي ١٧ / ١٤٣.
(٥) السابق.