يعترفون بالله ، ويقولون : «نحن لا نشرك» في المعنى ، وإنما سمي الأصنام آلهة باللفظ ، فقيل لم : نزّهوا الاسم كما نزهتم الحقيقة ، وعلى هذا فالخطاب ليس للنبي صلىاللهعليهوسلم بل هو كقول الواعظ : يا مسكين ، أفنيت عمرك وما أصلحت عملك ، ويريد السّامع.
والمعنى مع الباء : فسبّح مبتدئا باسم ربك ، فلا تكون «الباء» زائدة.
ومعنى العظيم : القريب من الكل ، فإن الصّغير إذا قرب من شيء بعد عن غيره.
قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)(٨٢)
قوله : (فَلا أُقْسِمُ).
قرأ العامة : «فلا» لام ألف.
وفيه أوجه (١) :
أحدها : أنها حرف نفي ، وأنّ النفي بها محذوف ، وهو كلام الكافر الجاحد ، تقديره : فلا حجة لما يقول الكفّار ، ثم ذكر ابتداء قسما بما ذكر.
وإليه ذهب كثير من المفسّرين والنحويين.
قال الفرّاء (٢) : «هي نفي ، والمعنى : ليس الأمر كما تقولون ، ثم استأنف [القسم](٣) ، كما تقول : «لا والله ما كان كذا» ولا يريد به نفي اليمين ، بل يريد به نفي كلام تقدم ، أي : ليس الأمر كما ذكر ، بل هو كذا».
وضعّف هذا بأن فيه حذف اسم «لا» وخبرها.
قال أبو حيّان (٤) : «ولا يجوز ولا ينبغي ، فإنّ القائل بذلك مثل سعيد بن جبير تلميذ خبر القرآن وبحره عبد الله بن عباس.
ويبعد أن يقوله سعيد إلا بتوقيف».
الثاني : أنّها زائدة للتأكيد. والمعنى : فأقسم ، بدليل قوله : وإنه لقسم ، ومثله في قوله تعالى: (لِئَلَّا يَعْلَمَ) [الحديد : ٢٩] ، والتقدير : ليعلم.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٦٦.
(٢) القرطبي ١٧ / ١٤٤ ، ١٤٥.
(٣) سقط من ب.
(٤) البحر المحيط ٨ / ٢١٢ ، وقد عقب عليه السمين الحلبي بقوله : ولا ينبغي .. الخ ، والدليل على أن بقية المنقول عن أبي حيان أنه من قول السمين ، ما رأيناه في كلام أبي حيان حيث قال : ثم ابتدأ «أقسم». قاله سعيد بن جبير وبعض النحاة ، ولا يجوز .. فنقل المصنف هنا كلام السمين ، وظنه بقية كلام أبي حيان.