وعن سلمان الفارسي (١) كذلك إلا أنه يكسر الهاء ، اسم فاعل ، أي : المطهرون أنفسهم ، فحذف مفعوله.
ونافع وأبو عمرو في رواية (٢) عنهما ، وعيسى بسكون الطاء ، وفتح الهاء خفيفة اسم مفعول من «أطهر زيد».
والحسن وعبد الله بن عوف وسلمان أيضا (٣) : «المطّهّرون» بتشديد الطّاء والهاء المكسورة ، وأصله : «المتطهرون» فأدغم.
وقد قرىء بهذا على الأصل أيضا.
فصل في تحرير المسّ المذكور في الآية (٤)
اختلفوا في المسّ المذكور في الآية ، هل هو حقيقة في المس بالجارحة أو معنى؟ وكذلك اختلفوا في المطهرون من هم؟.
فقال أنس وسعيد بن جبير : لا يمسّ ذلك إلّا المطهرون من الذنوب وهم الملائكة (٥).
وقال أبو العالية وابن زيد : هم الذين طهروا من الذنوب كالرّسل من الملائكة ، والرسل من بني آدم (٦).
وقال الكلبي : هم السّفرة ، الكرام البررة (٧) ، وهذا كله قول واحد ، وهو اختيار مالك.
وقال الحسن : هم الملائكة الموصوفون في (٨) سورة «عبس» في قوله تعالى : (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ) [عبس : ١٣ ـ ١٦].
وقيل : معنى (لا يَمَسُّهُ) لا ينزل به إلا المطهرون ، يعني : الرسل من الملائكة على الرسل من الأنبياء ، ولا يمس اللوح المحفوظ الذي هو الكتاب المكنون إلّا الملائكة المطهرون.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٥٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢١٤ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٨.
(٢) ينظر السابق.
(٣) السابق.
(٤) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٤٦.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٥٩ ـ ٦٦) عن سعيد بن جبير.
(٦) ينظر المصدر السابق وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٣٢) عن الربيع بن أنس مثله وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٧) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٨٩) والقرطبي (١٧ / ١٤٦).
(٨) ذكره القرطبي (١٧ / ١٤٦).