لأن (كَمْ) الخبرية تجري مجرى الاستفهامية في التصدير. و (مِنْ قَرْنٍ) تمييز و (هُمْ أَشَدُّ) صفة إما «ل (كَمْ) وإما ل (قَرْنٍ).
قوله : (فَنَقَّبُوا) الفاء عاطفة على المعنى كأنه قيل : اشتدّ بطشهم فنقّبوا (١) والضمير في (نقّبوا) إما للقرون المتقدمة وهو الظاهر وإما لقريش ، ويؤيده قراءة ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (٢) ـ وابن يعمر (٣) ، وأبي العالية (٤) ، ونصر بن يسار (٥) ، وأبي حيوة ، والأصمعي ـ عن أبي عمرو ـ (رضي الله عنهم) (٦) فنقّبوا (٧) ـ بكسر القاف ـ أمرا لهم بذلك.
والتّنقيب التّنقير والتّفتيش ، ومعناه التّطواف في البلاد ، قال الحارث بن حلّزة :
٤٥١٤ ـ نقّبوا في البلاد من حذر المو |
|
ت وجالوا في الأرض كلّ مجال (٨) |
وقال امرؤ القيس :
٤٥١٥ ـ وقد نقّبت في الآفاق حتّى |
|
رضيت من الغنيمة بالإياب (٩) |
وقرأ ابن عباس وأبو عمرو أيضا في رواية : نقبوا بفتح القاف خفيفة (١٠). ومعناها كما تقدم. وقرىء : نقبوا بكسرها خفيفة (١١) أي نقبت أقدامهم وأقدام إبلهم
__________________
(١) مشى المؤلف في عرضه لتلك الإعرابات على سبيل التّوضيح والتّبيين لكلام أبي البقاء العكبريّ في التبيان ١١٧٧.
(٢) زيادة من (أ) الأصل.
(٣) هو يحيى بن يعمر وقد عرّف به.
(٤) الرّياحيّ وقد عرف به أيضا.
(٥) لم أعثر على ترجمته وفي المحتسب : سيّار لا يسار.
(٦) زيادة من (أ) الأصل.
(٧) وهي شاذة انظر الكشاف ٤ / ١١ والبحر المحيط ٨ / ١٢٩ ومختصر ابن خالويه ١٤٤ ومعاني الفراء ٣ / ٨٠ والمحتسب ٢ / ٢٨٥.
(٨) نسبه السيوطي في الدر المنثور له ٧ / ٦٨ لعديّ بن زيد ، والمشهور أنه للحارث ، وهو من الخفيف ومعناه أنهم طافوا بالبلاد يلتمسون محيصا من الموت. والشاهد : في نقبوا فإن معناه التطواف كما أوضح أعلى. وانظر القرطبي ١٧ / ٢٠٢ وفتح القدير ٥ / ٨٠ والبحر ٨ / ١٢٩ والكشاف ٤ / ١١ وشرح شواهده ٤ / ٥٠٣.
(٩) من الوافر. وروايته في الديوان ٩٩ بلفظ «وقد طوفت». وروي في اللسان بلفظ : «السلامة» بدل الغنيمة. وقد تقدم.
(١٠) ولم ترو عن أبي عمرو في المتواتر ، بل هي شاذّة ذكوها صاحب الجامع الإمام القرطبي ١٧ / ٢٢ عن الحسن وأبي العالية بينما ذكر أبو حيان في البحر ٨ / ١٢٩ والزّمخشريّ في الكشاف ٤ / ١٩ غير ذلك ، ذكر أبو حيان قراءة التخفيف مع كسر القاف بينما ذكر الزمخشري التخفيف المطلق دون تحديد كسر أو فتح. وانظر المختصر ١٤٤ أيضا بالنسبة إلى قائليها بفتح القاف من المحقق لكنه أطلق كالزمخشري.
(١١) نسبها محقق كتاب المختصر لابن يعمر وأبي العالية وهو تحريف وقع فيه المحقّق لا ابن خالويه ـ