أن يقول : مطرنا وقت كذا ، كما تقول : مطرنا شهر كذا ، ومن قال : مطرنا بنوء كذا ، وهو يريد أن النّوء أنزل الماء كما يقول بعض أهل الشّرك فهو كافر ، حلال دمه إن لم يتب.
وقيل (١) : معنى قوله : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ) أي : معاشكم وتكسبكم تكذيب محمد ، كما يقال : فلان جعل قطع الطريق معاشه ، فعلى هذا التّكذيب عام ، وعلى الأول التكذيب خاص والرزق في الأصل مصدر سمي به ما يرزق ، كما يقال للمأكول : رزق ، وللمقدور : قدرة وللمخلوق : خلق.
قوله تعالى : (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)(٩٦)
قوله : (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ).
ترتيب الآية الكريمة : فلو لا ترجعونها ـ أي النّفس ـ إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين.
و «لو لا» الثانية مكررة للتوكيد (٢) قاله الزمخشري (٣).
قال شهاب الدين (٤) : فيكون التقدير : فلو لا فلو لا ترجعونها من باب التوكيد اللفظي ، ويكون «إذا بلغت» ظرفا ل «ترجعونها» مقدما عليه ؛ إذ لا مانع منه ، أي فلو لا ترجعون النّفس في وقت بلوغها الحلقوم.
وقوله : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ).
جملة حالية من فاعل «بلغت».
والتنوين في «حينئذ» عوض من الجملة المضاف إليها أي : إذا بلغت الحلقوم ، خلافا للأخفش ، حيث زعم أن التنوين للصّرف ، والكسر للإعراب (٥). وقد مضى تحقيقه.
وقرأ العامة : بفتح نون «حينئذ» لأنه منصوب على الظرف ، ناصبه «تنظرون» وعيسى (٦) : بكسرها.
__________________
(١) ينظر الرازي ١٧ / ١٧٢.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٦٩.
(٣) الكشاف ٤ / ٤٧٠.
(٤) الدر المصون ٦ / ٢٦٩.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٦٩.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٥٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٢١٤ ، والدر المصون ٦ / ٢٦٩.