وهي مشكلة لا تبعد عن الغلط عليه ، وخرجت على الإتباع لحركة الهمزة.
ولا عرف في ذلك ، فليس بأبعد من قرأ : «الحمد لله» بكسر الدال لتلازم المتضايفين ، ولكثرة دورهما على الخصوص (١).
فصل في تحرير معنى الآية
قال المفسرون (٢) : معنى الآية فهلا إذا بلغت النفس ، أو الروح الحلقوم ، ولم يتقدم لها ذكر؛ لأن ذلك معروف.
قال حاتم : [الطويل]
٤٧١٤ ـ أماويّ ما يغني الثّراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر (٣) |
وفي الحديث : «إنّ ملك الموت له أعوان يقطعون العروق ، ويجمعون الرّوح شيئا فشيئا حتّى ينتهي بها إلى الحلقوم ، فيتوفّاها ملك الموت» (٤).
(وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) أمري وسلطاني.
وقيل : تنظرون إلى الميت لا تقدرون له على شيء.
قال ابن عباس : يريد من حضر من أهل الميّت ينتظرون متى تخرج نفسه (٥).
ثم قيل : هو رد عليهم في قولهم لإخوانهم : (لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا) [آل عمران : ١٥٦] ، فهلّا ردوا روح الواحد منهم إذا بلغت الحلقوم.
وقيل : المعنى فهلّا إذا بلغت نفس أحدكم الحلقوم عند النّزع ، وأنتم حضور أمسكتم روحه في جسده مع حرصكم على امتداد عمره ، وحبكم لبقائه ، وهذا رد لقولهم : (نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) [الجاثية : ٢٤].
قوله : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ).
يجوز أن يكون حالا ، أي : تنظرون في هذه الحال التي تخفى عنكم.
وأن تكون مستأنفة ، فيكون اعتراضا ، والاستدراك ظاهر (٦).
والبصر يجوز أن يكون من البصيرة ، والمعنى (٧) : ونحن أقرب إليه منكم بالقدرة والعلم والرّؤية.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٦٩.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٤٩.
(٣) تقدم.
(٤) له شاهد من حديث تميم الداري ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٣٨) وعزاه إلى ابن أبي الدنيا في «ذكر الموت» وأبي يعلى.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٤٩).
(٦) الدر المصون ٦ / ٢٦٩.
(٧) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٤٩.