فصل في الكلام على الآية
قال القرطبي (١) : وقد جمع في هذه الآية بين (اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) وبين (وَهُوَ مَعَكُمْ) ، والأخذ بالظّاهر تناقض فدل على أنه لا بد من التأويل ، والإعراض عن التأويل اعتراف بالتناقض.
وقد قال أبو المعالي : إن محمدا صلىاللهعليهوسلم ليلة الإسراء لم يكن بأقرب إلى الله ـ عزوجل ـ من يونس بن متّى حين كان في بطن الحوت. وقد تقدم.
فصل في تفسير المعية
ذكر ابن الخطيب (٢) عن المتكلمين أنهم قالوا : هذه المعية إما بالعلم ، وإما بالحفظ والحراسة ، وعلى التقديرين فالإجماع منعقد على أنّه ـ سبحانه وتعالى ـ ليس معنا بالمكان والحيز والجهة ، فإذن قوله : (وَهُوَ مَعَكُمْ) لا بد فيه من التأويل ، فإذا جوّزنا التأويل في موضع وجب تأويله في سائر المواضع.
قوله تعالى : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
هذا التكرير للتأكيد ، أي : هو المعبود على الحقيقة.
(وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي : أمور الخلائق في الآخرة (٣).
وقد تقدم في «البقرة» (٤) : أن الأخوين وابن عامر يقرءون : «ترجع» بفتح التاء وكسر الجيم مبنيّا للفاعل ، والباقون : مبنيّا للمفعول في جميع القرآن.
وقال أبو حيان هنا (٥) : وقرأ الجمهور : «ترجع» مبنيّا للمفعول ، والحسن وابن أبي إسحاق والأعرج مبنيّا للفاعل.
وهذا عجيب منه وقد وقع له مثل ذلك كما تقدم (٦).
قوله : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ).
أي : ما ينتقص من النهار فيزيد في الليل ، وما ينتقص من الليل فيزيد في النهار.
(وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ). أي : لا تخفى عليه الضمائر ، ومن كان بهذه الصفة ، فلا يجوز أن يعبد سواه (٧).
قوله تعالى : (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ).
__________________
(١) السابق.
(٢) التفسير الكبير ٢٩ / ١٨٧.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٥٤.
(٤) آية (٢١٠).
(٥) البحر المحيط ٨ / ٢١٧ ، والدر المصون ٦ / ٢٧٣ ، وينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٥٨.
(٦) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٣.
(٧) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٥٤.