قوله تعالى : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ).
مبتدأ وخبر وحال ، أي : أي شيء استقر لكم غير مؤمنين (١).
قال القرطبي (٢) : «هذا استفهام يراد به التوبيخ ، أي : أي عذر لكم في ألا تؤمنوا وقد أزيحت العلل». (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ).
فقوله : (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ) جملة حالية من ضمير «تؤمنون» (٣).
قال الزمخشري (٤) : «فهما حالان متداخلان».
و «لتؤمنوا» متعلق ب «يدعو» أي : يدعوكم للإيمان ، كقولك : «دعوته لكذا».
ويجوز أن تكون «اللام» للعلة ، أي : يدعوكم إلى الجنة وغفران الله لأجل الإيمان.
وفيه بعد.
وهذه الآية تدل على أنه لا حكم قبل ورود الشرع.
قوله : (وَقَدْ أَخَذَ). حال أيضا (٥).
وقرأ العامة : «أخذ» مبنيّا للفاعل ، وهو الله ـ تعالى ـ لتقدّم ذكره.
وقرأ أبو عمرو (٦) «أخذ» مبنيّا للمفعول ، حذف الفاعل للعلم به.
و «ميثاقكم» منصوب في قراءة العامة ، ومرفوع في قراءة أبي عمرو.
و «إن كنتم» جوابه محذوف ، تقديره : فما يمنعكم من الإيمان.
وقيل : تقديره : إن كنتم مؤمنين لموجب ما رتبه ، فهذا هو الموجب (٧).
وقدره ابن عطية (٨) : إن كنتم مؤمنين فأنتم في رتبة شريفة.
فصل في المراد بهذا الميثاق (٩)
قال مجاهد : المراد بالميثاق هو المأخوذ عليهم حين أخرجهم من ظهر آدم ، وقال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) [الأعراف : ١٧٢].
قال ابن الخطيب (١٠) : وهذا ضعيف ؛ لأنه ـ تعالى ـ إنما ذكر أخذ الميثاق ليكون
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٣.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٥٥.
(٣) الدر المصون ٦ / ٢٧٣.
(٤) الكشاف ٤ / ٤٧٣.
(٥) الدر المصون ٦ / ٢٧٣.
(٦) ينظر : السبعة ٦٢٥ ، والحجة ٦ / ٢٦٦ ، وإعراب القراءات ٢ / ٢٤٩ ، وحجة القراءات ٦٩٧ ، والعنوان ١٨٦ ، وشرح شعلة ٥٩٧ ، وشرح الطيبة ٦ / ٣٨ ، واتحاف ٢ / ٥١٩.
(٧) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٣.
(٨) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٥٨.
(٩) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٥٥.
(١٠) التفسير الكبير ٢٩ / ١٨٩.