وقوله : (آياتٍ بَيِّناتٍ) يعني القرآن.
وقيل (١) : المعجزات ، أي : لزمكم الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم لما معه من المعجزات والقرآن أكبرها وأعظمها.
(لِيُخْرِجَكُمْ) أي : بالقرآن.
وقيل : بالرسول.
وقيل : بالدعوة ، (مِنَ الظُّلُماتِ) ، وهو الشرك والكفر.
(إِلَى النُّورِ) وهو الإيمان (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ).
فصل في إرادة الله للإيمان
قال القاضي (٢) : هذه الآية تدل على إرادته للإيمان ، أكد ذلك بقوله : (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ).
فإن قيل : أليس يدل ظاهرها على أنه يخرج من الظلمات إلى النور ، فيجب أن يكون الإيمان من فعله؟.
قلنا : إذا كان الإيمان بخلقه لا يبقى لقوله : (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ) [الحديد : ٩] معنى ؛ لأن ما يخلقه لا يتغير ، بل المراد أنه يلطف بهم.
قال ابن الخطيب (٣) : وهذا على حسنه معارض بالعلم ؛ لأنه بالعلم ؛ لأنه علم أن إيمانهم لا يوجد فقد كلفهم بما لا يوجد ، فكيف يعقل مع هذا أنه أراد منهم الخير والإحسان ، وحمل بعضهم قوله : (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) على بعثة محمد صلىاللهعليهوسلم ولا وجه لهذا التخصيص.
قوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا).
الكلام فيه كالكلام في قوله : (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ) [البقرة : ٢٤٦] ، فالأصل : «في ألا تنفقوا».
فلما حذف حرف الجر جرى الخلاف المشهور ، وأبو الحسن يرى زيادتها (٤) كما تقدم تقريره في البقرة.
قوله : (وَلِلَّهِ مِيراثُ) جملة حالية من فاعل الاستقرار أو مفعوله ، أي : وأي شيء يمنعكم من الإنفاق في سبيل الله ، والحال أن ميراث السموات والأرض له ، فهذه حال منافية.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٥٥.
(٢) ينظر : الرازي ٢٩ / ١٩٠.
(٣) السابق.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٣.