فصل في التقدم والتأخر في أحكام الدين
فإن قلت : التقدم والتأخر قد يكون في أحكام الدنيا ، فأما في أحكام الدين فقالت عائشة رضي الله عنها : أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن ننزل النّاس منازلهم. وأعظم المنازل مرتبة الصلاة(١).
وقد قال صلىاللهعليهوسلم في مرضه : «مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس».
وقال : «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» (٢).
وقال : «وليؤمكما أكبركما».
وفهم منه العلماء أنه أراد كبر المنزلة ، كما قال عليه الصلاة والسلام : «الولاء للكبر». ولم يعن كبر السن.
وقد قال مالك وغيره : إن للسن حقّا ، وراعاه الشّافعي وأبو حنيفة ، وهو أحق بالمراعاة.
وأما أحكام الدنيا فهي مرتبة على أحكام الدين ، فمن قدم في الدين قدم في الدنيا.
وفي الحديث : «ليس منّا من لم يوقّر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقّه».
وفي الحديث أيضا : «ما أكرم شابّ شيخا لسنّه إلّا قيّض الله له عند سنّه من يكرمه»(٣).
قوله : (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى).
قراءة العامة : بالنّصب على أنّه مفعول مقدم ، وهي مرسومة في مصاحفهم «وكلّا» بألف (٤).
وابن عامر (٥) : برفعه.
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٢ / ٦٧٧) كتاب الأدب ، باب : في تنزيل الناس منازلهم حديث (٤٨٤٢) من طريق ميمون بن أبي شبيب عن عائشة.
(٢) أخرجه مسلم ١ / ٤٦٥ كتاب المساجد ، باب : من أحق بالإمامة (٢٩٠ / ٦٧٣) وأبو داود ١ / ١٥٩ ، كتاب الصلاة ، باب : من أحق بالإمامة (٥٨٢) ، والترمذي ١ / ٤٥٨ أبواب الصلاة ، باب : ما جاء من أحق بالإمامة (٩٨٠) ، والنسائي ٢ / ٧٦ في الإمامة ، باب : من أحق بالإمامة.
(٣) أخرجه الترمذي ٤ / ٣٧٢ كتاب البر ، باب : ما جاء في إجلال الكبير (٢٠٢٢) واللفظ له وقال : «حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ يزيد بن بيان وأبي الرّجال الأنصاري.
وأخرجه ابن عديّ في الكامل ٣ / ٨٩٨ ، ضمن ترجمة خالد بن محمد أبي الرّجال الأنصاري.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٤.
(٥) ينظر : السبعة ٦٢٥ ، والحجة ٦ / ٢٦٦ وإعراب القراءات ٢ / ٣٤٩ ، وحجة القراءات ٦٩٨ ، والعنوان ١٨٦ ، وشرح شعلة ٥٩٧ ، وشرح الطيبة ٦ / ٣٨ ، وإتحاف فضلاء البشر ٢ / ٥٢٠.