وقوله : (خالِدِينَ فِيها) حال من الدخول المحذوف ، التقدير : بشراكم اليوم دخول الجنة جنات تجري من تحتها الأنهار مقدرين الخلود فيها.
قال القرطبي (١) : «ولا تكون الحال من «بشراكم» لأن فيه فصلا بين الصلة والموصول ، ويجوز أن تكون مما دلّ عليه البشرى كأنه قال : يبشرون خالدين فيها ، ويجوز أن يكون الظّرف الذي هو «اليوم» خبرا عن «بشراكم» ، و «جنات» بدلا من البشرى على تقدير حذف المضاف كما تقدم ، و «خالدين» حال حسب ما تقدم».
فصل في العامل في قوله : «خالدين»
قال شهاب الدّين (٢) : «خالدين» نصب على الحال ، والعامل فيها المضاف محذوف ، إذ التقدير : بشراكم دخولكم جنات خالدين فيها ، فحذف الفاعل وهو ضمير المخاطب ، [وأضيف المصدر لمفعوله ، فصار دخول جنات](٣) ، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف فيه مقامه في الإعراب ، ولا يجوز أن يكون «بشراكم» هو العامل فيها ؛ لأنه مصدر ، وقد أخبر عنه قبل ذكر متعلقاته ، فيلزم الفصل بأجنبي ، وظاهر كلام مكي أنه عامل في الحال ، فإنه قال : «خالدين» نصب على الحال من الكاف والميم ، والعامل في الحال هو العامل في صاحبها فيلزم أن يكون «بشراكم» هو العامل ، وفيه ما تقدم من الفصل بين المصدر ومعموله.
فصل في كون الفاسق مؤمنا أم لا
قال ابن الخطيب : تقدم في الكلام البشارة عند قوله : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) [البقرة : ٢٥]. وهذه الآية تدل على أن المؤمنين لا ينالهم أهوال يوم القيامة ؛ لأنه تعالى بين أن هذه صفتهم يوم القيامة من غير تخصيص (٤).
قال الكعبي : هذه الآية تدلّ على أن الفاسق ليس بمؤمن ؛ لأنه لو كان مؤمنا لدخل تحت هذه البشارة ، ولو كان كذلك لقطع بأنه من أهل الجنّة ؛ [ولما لم يكن كذلك ثبت أنه ليس بمؤمن](٥).
أجاب ابن الخطيب (٦) : [بأنا نقطع بأن الفاسق من أهل الجنة](٧) ، لأنه إما أن يدخل
النار ، أو أنه ممن دخلها ، لكنه سيخرج منها ، وسيدخل الجنة ، ويبقى فيها أبد الآباد ، فإذن يقطع بأنه من أهل الجنة ، فسقط الاستدلال.
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٥٨.
(٢) الدر المصون ٦ / ٢٧٥.
(٣) سقط من ب.
(٤) ينظر : التفسير الكبير ٢٩ / ١٩٥.
(٥) سقط من أ.
(٦) التفسير الكبير ٢٩ / ١٩٥.
(٧) سقط من أ.