قوله : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ).
العامة على بنائه للمفعول ، والقائم مقام الفاعل يجوز أن يكون «بسور» وهو الظاهر ، وأن يكون الظرف.
وقال مكي (١) : «الباء» مزيدة ، أي : ضرب سور. ثم قال : «والباء متعلقة بالمصدر أي : ضربا بسور».
وهذا متناقض (٢) ، إلّا أن يكون قد غلط عليه من النساخ ، والأصل : والباء متعلقة بالمصدر ، والقائم مقام الفاعل الظرف ، وعلى الجملة هو ضعيف ، والسور : البناء المحيط وتقدم اشتقاقه في أول البقرة (٣).
قوله : «له باب». مبتدأ وخبر في موضع جرّ صفة ل «سور».
وقوله : (باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ) هذه الجملة يجوز أن تكون في موضع جر صفة ثانية ل «سور» ، ويجوز أن تكون في موضع رفع صفة ل «باب» ، وهو أولى لقربه ، والضمير إنما يعود إلى الأقرب إلا بقرينة (٤).
وقرأ زيد بن علي (٥) ، وعمرو بن عبيد : «فضرب» مبنيّا للفاعل ، وهو الله أو الملك.
فصل في المراد بالسور
«السور» : حاجز بين الجنة والنار.
قال القرطبي (٦) : «روي أن ذلك السّور ب «بيت المقدس» عند موضع يعرف ب «وادي جهنم» فيه الرّحمة يعني : ما يلي منه المؤمنين ، وظاهره من قبله العذاب يعني : ما يلي المنافقين».
قال كعب الأحبار رضي الله عنه : هو الباب الذي ب «بيت المقدس» المعروف ب «باب الرحمة».
وقال عبد الله بن عمرو : إنه سور ب «بيت المقدس» الشرقي ، باطنه فيه المسجد ، وظاهره من قبله العذاب ، يعني : جهنم ونحوه عن ابن عباس (٧).
__________________
(١) ينظر : المشكل ٢ / ٧١٨.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٦.
(٣) آية رقم (٢٣).
(٤) ينظر : السابق.
(٥) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٢١ ، والدر المصون ٦ / ٢٧٦.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٦٠.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٧٨) والحاكم (٤ / ٦٠١) عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. ـ