قرأ العامة : «الغرور» بفتح الغين ، وهو صفة على «فعول» ، والمراد به : الشّيطان ، أي : خدعكم بالله الشيطان.
وقرأ أبو حيوة ، ومحمد (١) بن السميفع ، وسماك بن حرب : «الغرور» بالضم ، وهو مصدر ، والمراد به الأباطيل.
عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم خطّ لنا خطوطا ، وخط منها خطّا ناحية ، فقال : «أتدرون ما هذا؟ هذا مثل ابن آدم ومثل التمنّي ، وتلك الخطوط الآمال ، بينما يتمنّى إذ جاءه الموت»(٢).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : خطّ لنا رسول صلىاللهعليهوسلم خطّا مربّعا وخط في وسطه خطّا ، وجعله خارجا منه ، وخط عن يمينه ويساره خطوطا صغارا ، فقال : «هذا ابن آدم وهذا أجله يحيط به ، وهذا أمله قد جاوز أجله ، وهذه الخطوط الصّغار الأعراض ، فإن أخطأه هذا نهشه هذا» (٣).
قوله : «فاليوم» منصوب ب «يؤخذ» ، ولا يبالى ب «لا» النافية ، وهو قول الجمهور (٤) وقد تقدم آخر «الفاتحة» ثلاثة أقوال. وقرأ ابن عامر (٥) : «تؤخذ» بالتأنيث للفظ الفدية.
والباقون : بالياء من تحت ؛ لأن التأنيث مجازي.
فصل في المراد بالفدية
قوله : (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) أيها المنافقون ، (وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي : أيأسهم من النّجاة. والمراد بالفدية قيل : لا يقبل منكم إيمان ، ولا توبة ؛ لأن التكليف قد زال وحصل الإلحاد.
وقيل : لا يقبل منكم فدية تدفعون بها العذاب عن أنفسكم كقوله تعالى : (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) [البقرة : ١٢٣] ، والفدية : ما يفتدى به ، فهو يتناول الإيمان والتوبة والمال.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٦٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٢١ ، والدر المصون ٦ / ٢٧٧.
(٢) أخرجه البخاري ١١ / ٢٣٩ كتاب الرقاق ، باب : في «الأمل» وطوله حديث رقم (٦٤١٨) من حديث أنس.
(٣) أخرجه البخاري ١١ / ٢٣٩ كتاب الرقاق ، باب : في الأمل وطوله (٦٤١٧) والترمذي ٤ / ٥٤٨ كتاب صفة القيامة ، باب : (٢٢) (٢٤٥٤) وابن ماجه في المصدر السابق (٤٢٣١) والدارمي ٢ / ٣٠٤.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٧.
(٥) ينظر : إعراب القراءات السبع ٢ / ٣٥٢ ، وحجة القراءات ٧٠٠ ، والعنوان ١٨٦ ، وشرح شعلة ٥٩٨ ، وشرح الطيبة ٦ / ٤٠ ، وإتحاف ٢ / ٥٢١.