والحسن (١) : «يئن» مضارع «آن» بمعنى «حان» أيضا ، مثل : «باع يبيع».
و «اللام» للتبيين. قاله أبو البقاء ، فعلى هذا يتعلق بمحذوف ، أي : أعني للذين.
فصل في نزول هذه الآية
في «صحيح مسلم» ، عن ابن مسعود قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ) إلا أربع سنين.
قال الخليل (٢) : العتاب مخاطبة الاذلال ، ومذاكرة الموجدة. تقول : عاتبت معاتبة.
(أَنْ تَخْشَعَ) ، أي : تذل وتلين (قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ).
وروي أن المزاح والضحك كثر في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما ترفهوا ب «المدينة» فنزلت الآية ، ولما نزلت هذه الآية قال عليه الصلاة والسلام : «إنّ الله يستبطئكم بالخشوع» فقالوا عند ذلك : خشعنا (٣).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إنّ الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن (٤).
وقيل : نزلت في المنافقين بعد الهجرة ، وذلك لما سألوا سلمان أن يحدثهم بعجائب التوراة ، فنزلت : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) إلى قوله : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [يوسف : ١ ، ٢ ، ٣] فأخبرهم أن القصص أحسن من غيره ، وأنفع لهم ، فكفّوا عن سلمان ، ثم سألوه مثل الأول ، فنزلت : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) [الآية ، فعلى هذا التأويل يكون (فَالَّذِينَ آمَنُوا) في العلانية باللسان](٥).
وقال السّدي وغيره : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) بالظّاهر وأسرّوا الكفر (أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ).
وقيل : نزلت في المؤمنين.
قال سعد : قيل : يا رسول الله ، لو قصصت علينا؟ فنزل : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) فقالوا بعد زمان : لو حدثتنا ، فنزل قوله : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) [الزمر :
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٦٤ ، والكشاف ٤ / ٤٧٧ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٢٢ ، والدر المصون ٦ / ٢٧٧.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ٢٤٨.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥٤) وعزاه إلى ابن أبي شيبة في «المصنف» عن عبد العزيز بن أبي رواد أن أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥٤) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٥) سقط من أ.